إبن الله أم إبن مريم

 

هاجم القران فكرة أن يكون لله ولدا أو أبناء؛ وهاجم بشدة أن يكون المسيح ابن الله من صاحبته مريم؛ لكنه اقر من ناحية أخرى أن الله لو أراد أن يتخذ ولدا مما يخلق لاتخذ ولدا وسيكون النبي أول العابدين الذين يعبدون هذا الولد؛ وهنا نجد موقفين ربما يبدو من ظاهرهما انهما متناقضين لكن في الواقع هما غير ذلك؛ فالأول هو رفض تام أن يكون لله ولدا من صاحبة(زوجة) وفي الثاني هو قبول القران أن يتخذ الله ولدا ويكون النبي أول العابدين لهذا الولد؛ نفس التناقض الظاهري نجده في هاتين الآيتين

الذين يظاهرون من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم (المجادلة58: 2)

هنا أم الإنسان فقط هي التي ولدته؛ ثم جاء القران بأنواع من الأمومة غير الولادة ولها نفس الحرمة التي للأم.

النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وازواجه(نساء النبي) أمهاتهم(الاحزاب33: 6)

وهنا زوجات النبي هن أمهات المؤمنين رغم عدم ولادتهن للمؤمنين.

حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة(النساء4: 23)

هنا نوع آخر من الأمومة بالرضاعة وله نفس الحرمة التي للأمومة بالولادة؛ وأيضا نوعا آخر من الأخوة في الرضاعة له نفس حرمة الأخوة بالولادة؛ لكن أي بنوة لله حرمها القران وحكم بكفر القول بها وأي بنوة تلك التي حللها وجاء بها .

وجعلوا لله شركاء الجنوخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالىبديع السموات والأرض إني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة(زوجة)(الانعام6: 100-101)

وهنا ينفي القران فكرة العرب الجهلة أن يكون لله زوجة وله منها ولد أو له بنين وبنات.

إلا انهم من إفكهم ليقولون ولد الله وانهم لكاذبين اصطفى البنات على البنينوجعلوا بينه وبين الجنة نسبا(الصفات37: 151-158)

تعالى جدا ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا(الجن72: 3) هنا رفض القران قول العرب الجاهلية أن هناك نسبا بين الله والجن وان له البنين والبنات؛ وفي الآية الأخيرة يتنصل الجن من القول بأن الله له ولد وصاحبة وقالوا إن هذا قول سفهائهم من الجن.

قالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون(الانبياء21: 26)

ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه(مريم19: 35)

هنا أكد القران انه لا يمكن أن يتخذ الله ولدا؛ ثم جاءت تلك الآية:

لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه (الزمر39: 4)

في هذه الآية الأمر بيد الله لو أراد أن يتخذ ولد لفعل.

قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين(الزخرف43: 81)

ما كل هذا؟ هل هناك تناقض؟ مرة ليس هناك أم إلا التي ولدت الإنسان؛ وبعد ذلك يقرر أن هناك أم بالرضاعة وزوجات النبي أمهات المؤمنين وهن حرام على المؤمن حرمة أمه! ومرة ليس لله ولدا وما ينبغي؛ ومرة لو أراد الله أن يتخذ ولدا لأتخذ ولدا له من مخلوقاته والنبي سيكون أول العابدين لهذا الولد المخلوق!!!!

نعم انه أمر يحتاج إلى مزيد من الفهم فهناك في القران أنواع من الأمومة والبنوة غير تلك التي بالتوالد من الجنس.

آيات محكمات هن أم الكتاب(آل عمران3: 7)(الرعد13: 39)

هنا بالطبع لم تلد أم الكتاب الكتاب.

أمه هاوية(النار) ما أدراك ما هي نار حامية(القارعة101: 9)

فلم تلد النار بل هي مستقر الأشرار.

لتنذر أم القرى(مكة)(الانعام6: 92) (الشوراى42: 7)

فلم تلد مكة القرى التي حولها. 

أزواج النبي أمهات المؤمنين (الاحزاب33: 6)

فلم تلد نساء النبي كل هؤلاء المؤمنين.

إنما المؤمنون اخوة(الحجرات49: 10)

بالطبع ليس كل المؤمنين من أم أو أب واحد.

إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين(الاسراء17: 27)

بالطبع ليس المبذرين والشياطين من أب واحد. ابن السبيل(البقرة2: 215)(النساء4: 36)

هل ولد السبيل(الطريق) ابنا؟

نعم هناك أنواع من الأمومة والأخوة والبنوة غير تلك التي بالتوالد؛فترى ما هو نوع البنوة التي يقول بها الإنجيل عن السيد المسيح؛ وهل هي نفسها في القران أم غيرها؟

قال لها الملاك ها أنت ستحبلين وتلدين ابنا فقالت مريم كيف يكون هذا وأنا لست اعرف رجلا. فأجاب الملاك الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك  القدوس المولود منك يدعى ابن الله(لوقا1: 30-35)

نعم ما أجمله حوار؛ مريم ككل البشر لا تعرف الحبل إلا عن طريق الجنس؛ فتقول أنا لا اعرف رجلا؛ لكن الملاك يعّرفها انه مولود من الروح القدس وهناك لفظ ’’فلذلك’’ أي بسبب ولادته من روح الله يسمى ويدعى ابن الله؛ فالتسمية جاءت من الملاك؛ فالحبل به جاء من روح الله وليس عن طريق الجنس أو صاحبة وهذا ما قاله القران.

والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا(الانبياء21: 91)

التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه ؟ من روحنا(التحريم66: 12)

فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا(مريم19: 17)

ها هو القران يقرر ما قاله الإنجيل قبله بمئات السنوات أن المسيح ولد من روح الله وليس عن طريق الجنس أو الصاحبة

والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأيناه(يوحنا1: 14)

أي أن كلمة الله اتخذ جسدا وعاش بيننا ورأيناه.

عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته وروح منه(النساء4: 171)

هنا يقر القران ما اقره الإنجيل قبله بأن المسيح هو كلمة الله الذي اخذ جسدا من مريم لذلك اسماه ابن مريم.

نعم المسيح هو كلمة الله وروح منه وهو ابن مريم؛ لكن من الذي اعتبر المسيح بشر ككل البشر؛ أسموه ابن مريم؟

نعم انهم اليهود؛ نعم لقب ابن مريم لم يقله المسيح عن نفسه ولم يقله التلاميذ عنه؛ بل قاله عنه اليهود الذين لم يؤمنوا بولادته من روح الله .

أليس هذا هو النجار ابن مريم(مرقس6: 3)

نعم المسيح من ناحية الجسد هو ابن مريم؛ لكن الأهم انه كلمة الله وولد من روحه فلذلك لا يستطع أحد أن يقول المسيح ابن آدم؛ وان لم يكن المسيح ابن آدم؛ ابن من هو؟

ترى هل كلمة ابن الله كلمة اخترعها النصارى وكتبوها في الإنجيل؟ لا بل نبوات العهد القديم قبل المسيح بمئات السنوات تشهد بذلك وهى بيد اليهود أعداء المسيحية.

يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل وتلد ابنا(اشعياء7: 14)

يولد لنا ولد ونعطى ابنا يدعى اسمه إلها قديرا(اشعياء9: 6)

من مصر دعوت ابني(هوشع11: 1)

قّبلوا الابن لئلا يغضب فتبادوا من الطريق (مزمور2: 12)

من صعد إلى السموات ونزل من ثبت أطراف الأرض ما اسمه وما اسم ابنه أن عرفت(امثال30: 4)

قال لي أنت ابني وأنا اليوم ولدتكأعطيك الأمم ميراثا تحطمهم بقضيب من حديد(مزمور2: 7-9)

في الإنجيل دعي آدم ابن الله(لوقا3: 38)

المؤمنون بالمسيح دعاهم أولاد الله(يوحنا1: 12)

هل الله ولد آدم بالجنس وولد كل هؤلاء المؤمنين بالجنس؟ لا انه نوع آخر من البنوة ؛ولكنه غير بنوة المسيح؛ فهو الوحيد الذي أطلق عليه لقب الابن الوحيد؛ كذلك الوحيد الذي قيل عنه كلمة الله وحبل به من روح الله ولم ينتهي إلى التراب ككل البشر وهو الوحيد الذي لا يجوز عليه ما يجوز على أبناء آدم لأنه ليس منهم!

لأنه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة .(يوحنا3: 16)

الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد(يوحنا3: 18)