القرآن في الشعر الجاهلي
الفهرس
إهداء
كأنها المقدمة
الآيــات المحوريـة للبحـث
البلاغة والزخرف من الشيطان
قالوا عن محمد شاعر
إهداء
إلى أبنائي الذين احبهم وسأظل ....
إلى كل من ساعدني وشجعني في إتمام هذا العمل ...
إلى السالكين في الطريق من الظلمة إلى النور أنني بدموع وصلاة أنتظركم ....
ناهد
حقوق الطبع والنشر محفوظة للكاتبة.
الشعر ديوان العرب فبه حفظت أنسابهم وعرفت مآثرهم، وتاريخ حروبهم وأيامهم بحلوها ومرها وعاداتهم وتقاليدهم ودياناتهم ومعتقداتهم وكانت العرب تقيم الشعر مقام الحكمة و العلم، وكانوا يقسمون كلامهم إلى منثور ومنظوم مقارنة بالدر واللآلئ الثمينة فالمنثور هو النثر والمنظوم هو الشعر وكان الشعر عندهم أكثر تقديرا وقيمة وأعلى كعبا وأبقى أثرا وكان الكلام كله منثورا إلى أن قصده المهلهل وأمرؤ القيس قبل الإسلام بأكثر من 150 سنة. أما القبيلة التي كان يظهر فيها شاعرا قديرا فيصبح مفخرتهم وتأتيها القبائل للتهنئة بشاعرهم كما يهنئونهم بغلام يولد أو فرس ينتج فالشاعر للقبيلة درع واقي يحمي أعراضها ويخلد مآثرها ويقودها وتعمل له القبائل المجاورة ألف حساب خوفا من هجائه الذي لا تمحوه السنين كلما كان شعره رصين وعندما نزل الحطيئة المدينة جمعت له قريش العطايا خوفا من شره . كما كان الرجل يقول أبيات من الشعر يقضي بها حاجته فستنزل بها الكريم ويستعطف بها اللئيم ويرقع بها قدره أمام الملوك ويحصد من ورائها الهبات والعطايا ويأثر بها قلوب النساء والصبايا وينافح بها عن قبيلته ويدافع وربما أبيات من الشعر وقعها أقوى من السيوف والنبل. وكان الشعراء يحضرون الأسواق والمواسم يلقون فيها من أشعارهم وتجتمع القبائل والعشائر من كل حدب وصوب فتسمع للشعر والشعراء ولم يكن لهم شيء يرجعون إليه من أحكامهم وأفعالهم إلاّ الشعر، فبه كانوا يختصمون وبه يتمثلون ويتفاضلون ويتقاسمون ويتناضلون ويتفاخرون ويمدحون ويعابون ... وإن كان للشعر تلك المنزلة عند عرب الجاهلية فلم يكن موقعهم في القرآن أقل. وكان أثره في الناس ربما أقصى من وقع السيف وكم من شعراء لا نسب لهم بل هم في عداد العبيد خلد ذكرهم بينما أسيادهم طواهم النسيان منذ أمد بعيد ويحضرني منهم عنترة العبسي ... لست أنا الخنساء ولا أدعي ... ولا متمكنة من علم القوافي والعروض ولكنه الفزع والهول الذي انتابني وأنا أقرأ أشعار الجاهلية ووجد التطابق التام بين القرآن وتراكيبه وأفكاره وبين أشعار عرب الجاهلية قبله كم أنا حزينة لذلك الجهل والخداع والجبن الذي ينخر في عقول وقلوب والسنة وأقلام الكتاب والمثقفين ورجالات الإعلام وأجهزته العربية والإسلامية فتطل علينا وجوه أعاذنا الله منها تتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن فجل ما ينسبونه للقرآن والنبي من إعجاز فاضت به قريحة شعراء الجاهلية وأوحى لهم بها شيطان الشعر ... نعم حزينة من كل تلك الأحاديث والكتب والمقالات والحلقات التي يكتبها ويتفوه بها كل الشيوخ والكتاب والصحفيين والمطبلين ورجال الإعلام الذين يسيرون في درب الحقيقة برجل واحدة وينظرون إليها بعين واحدة فلا يقولون إلا نصف الحقيقة إن كان هناك حقيقة يتحدثون عنها ويتجاهلون النصف الآخر بل يكفرون ويلعنون ويصادرون ويمنعون ويرهبون وحتى يقتلون من يفتح فاه ويتحدث عن النصف الثاني من الحقيقة .... وأنا هنا أريد أن استعرض بعضا مما أوحى به شيطان الشعر في الجاهلية وفاضت به قريحة شعرائها وبين ما قاله محمد بوحي من جبريل والعليم الخبير .... الإنسان أبن بيئته ولطالما تغنى العرب بالأشعار ونصبوا لها الأسواق والمواسم التي كان محمد يحضرها مع غيره من العرب سكان البادية ....... لا يحتاج المرء أن يكون شاعرا أو دارسا للعروض أو خبيرا في ضروب الشعر وأوزانه وقوافيه حتى يتسنى له أن يرى التشابه والتطابق بين القرآن والشعر الجاهلي لا في الأفكار والمعاني فقط بل وفي الألفاظ والتراكيب أيضا. لقد أهتم القرآن بالشعر والشعراء حتى أن هناك في القرآن سورة باسمهم هي سورة الشعراء. نعم هناك حقيقة ناصعة لا يضل عنها إلا المصابون بالعمى وهى أن الشعر الجاهلي مرجع لمن استشكل عليه أمرا من غرائب القرآن. فقط يحتاج المرء إلى قليل من الحيادية والتخلي عن المذهبية و التعصب الذي لا يصيب البصر بالعمى بل والبصيرة أيضا.
أما موقف النبي من الشعر وأن كان متناقضا إلا أنه لا يخرج عن السياق العام من الخطاب المحمدي الذي كثيرا ما كان متناقضا وكذلك الخطاب القرآني وإن كان التبرير جاهز وهو الناسخ والمنسوخ لكن ما لا شك فيه ولا مجال لنكرانه هو أن محمدا نصب حسان بن ثابت شاعرا يمدحه ينافح عنه وكان له صولات وجولات مع عبد الله بن الزبعرى وضرار بن الخطاب الفهري وهند بنت عتبة والحارث بن هشام بن المغيرة وأبي سفيان بن حرب وكعب بن الأشرف وغيرهم ممن رفضوا دعوة محمد وكذبوه وهجوه وحسان اشتهر بمدحه للغساسنة والمناذرة قبل الإسلام وقال له النبي يا حسّان ! أجبْ عن رسول الله " اللهم أيّده بروح القُدُس" "اهجهم وهاجهم وجبريلُ معك "ولم يتردد الروح القدس أو جبريل الذي أيد حسان أن يسب أعدائه بأقذع السباب. وكثيرا ما كان يقول للشعراء الذين يمدحونه أو يلقون أمامه شعرا جيد يعجبه "لا فض الله فوك"....
*عن يعلى بن الأشدق عن النابغة الجعدي قال: أنشدت النبي صلعم وأنا عن يمينه:
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال: أين المظهر يا أبا ليلى - وفي لفظ: فقال: إلى أين؟ لا أم لك - قلت الجنة فقال: أجل إن شاء الله فقلت:
ولا خير في علم إذا لم يكن له بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال لي رسول الله صلعم : "أجدت لا يفضض فوك مرتين". (*) منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال حرف الفاء حديث رقم37542-
والنابغة الجعدي غير النابغة الذبياني الشاعر الجاهلي صاحب إحدى المعلقات.
* كان رسول الله صلعم يوم الأحزاب ينقل التراب في غزوة الأحزاب ويردد أرجوزة عبد الله بن رواحة ولقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول:
بسم الله وبه هُدينا * ولو عبدنا غيره شقينا* والله! لولا أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا* فاغفر فداءً لك ما اتقينا * فأنزلن سكينة علينا * إن الأُلى قد أبوا علينا* إن الملا قد بغوا علينا*إن أرادوا فتنة أبينا*وثبِّت الأقدام إن لاقينا * إنا إذا صيح بنا أبَيْنا* وبالصِّياح عَوَّلوا علينا.
وكان عامر بن الأكوع رجلا شاعرا وفي المسير إلى خيبر قال له أسمعنا من هناتك فقال هذا الشعر فقال صلعم : يرحمه الله وكانوا يعرفون أن رسول الله صلعم لا يستغفر لإنسان يخصه إلا استشهد وقد وقع ذلك في حرب خيبر. (*) مجموعة من البداية والنهاية باب غزوة الخندق أو الأحزاب. السيرة النبوية لأبن هشام باب ارتجاز ابن الأكوع ودعاء الرسول له واستشهاده. صحيح مسلم باب غزوة الأحزاب وهي الخندق. الوعد من خيبر إلى القدس لمخلص برزق باب القتال مع اليهود يفتح باباً للشهـادة. الرحيق المختوم لصفي الرحمن المباركفوري بعض ما وقع في الطريق.
هذا قدر من أرجوزة عبد الله بن رواحة والذي كان يلقبه محمد بسيد الشعراء كما يدل على إعجاب النبي بالشعر والكلام المزخرف ذو الجرس الموسيقي وكان يحب أن يسمعه فإن من البيان لسحر ومن الشعر لحكمة ومن كلام النبوة كما قال النبي ...
* قال أبن هشام : كعب بن زهير وقصيدته الشهيرة بانت سعاد قال ابن إسحاق : فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه ، وأرجف به من كان في حاضره من عدوه فقالوا : هو مقتول فلما لم يجد من شيء بداً ، قال قصيدته التي يمدح بها رسول الله صلعم .
(*) السيرة النبوية لأبن هشام باب كعب بن زهير وقصيدته الشهيرة بانت سعاد.
* قال أبن كثير : خرج كعب وبجير ابنا زهير ( زهير بن أبي سلمى من فحول شعراء الجاهلية)، حتى أتيا أبرق العزاف فقال بجير لكعب (أخوه): اثبت في هذا المكان حتى آتي هذا الرجل يعني رسول الله صلعم فأسمع ما يقول، فثبت كعب وخرج بجير، فجاء رسول الله صلعم فعرض عليه الإسلام فأسلم فبلغ ذلك كعباً فقال:
ألا أبلغا عني بجيراً رسالة فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا
فبين لنا إن كنت لست بفاعل على أي شيء غير ذلك دلكا
على خلق لم ألف يوماً أبا له عليه وما تلفى عليه أبا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف ولا قائـل إما عثـرت لعا لكا
سقاك بها المأمون كأسا روية فأنهلك المأمـون منهـا وعلكا
لعا لكا (كلمة تقال لمن عثر أن يفيق من عثرته)المأمون (محمد)
فلما بلغت
الأبيات رسول الله
صلعم أهدر دمه
وقال:
"من لقي
كعباً فليقتله".
ورد في
بعض الروايات أن رسول الله
صلعم أعطاه
بردته حين أنشده
القصيدة،
وقد نظر ذلك الصرصري في بعض مدائحه"فكساه
بُرداً اشتراه منه معاويةُ بعشرين ألفاً"..(*)
السيرة النبوية لأبن هشام باب كعب بن
زهير وقصيدته الشهيرة بانت سعاد. البداية
والنهاية لأبن كثير باب
إسلام كعب
بن زهير بن أبي سلمى وذكر...
.العقد
الفريد
لابن عبد
ربه
الجزء
الثاني باب
كتاب
الزمردة الثانية في فضائل الشعر.
* أما قصيدة كعب بن زهير التي قالها حين قدم على رسول الله صلعم فهي طويلة أجتزئ منها القليل :
بانت سعـاد فقلبي اليـوم متبول متيـم إثرهـا لـم يفـد مكبـول
وما سعاد غداة البين إذ رحلـوا إلا أغن غضيض الطرف مكحول
هيفـاء مقبلـة عجزاء مـدبرة لا يشتكي قصر منهـا ولا طـول
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت كـأنـه منهـل بالـراح معلـول
أمست سعـاد بـأرض لا يبلغها إلا العتـاق النجيبات المـراسيل
ضخـم مقلـدها فعـم مقيـدها في خلقها عن بنات الفحل تفضيل
غلباء وجنـاء علكـوم مذكـرة فـي دفهـا سعـة قـدامها ميل
وجلـدها من أطـوم ما يؤيسـه طلـح بضاحية المتنـين مهزول
أرجـو وآمـل أن تدنو مـودتها وما إخـال لدينا منـك تنـويل
عيرانة قذفت بالنحض عن عرض مرفقهـا عن بنات الزور مفتول
كـأنما فـات عينيهـا ومذبحها من خطمهـا ومن اللحيين برطيل
تمر مثل عسيب النخل ذا خصل في غارز لـم تخـونه الأحاليل
فقـلت خلـوا سبيلي لا أبا لكـم فكـل ما قـدر الرحمـن مفعول
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يومـا علـى آلة حـدباء محمول
نبئت أن رسـول الله أوعدنـي والعفـو عنـد رسول الله مأمول
مهلا هداك الذي أعطـاك نافلة القـرآن فيها مـواعيظ وتفصيل
لا تأخذني بأقـوال الـوشاة ولم أذنب ولـو كثرت في الأقاويل
إن الرسـول لنـور يستضاء به مهند من سيـوف الله مسلول
بانت (فارقت) متبول
(ذليل) مكبول
(مقيد) مكحول (من
الكحل) هيفاء (ضامرة البطن
دقيقة الخاصرة) عجزاء (كبيرة
المؤخرة) عوارض
(أسنانها) العتاق
النجيبات (الإبل
السريعة) مقلدها (عنقها مكان
القلادة)
بنات الفحل
(الناقة) غلباء(غليظة
العنق) وجناء (عظيمة
الوجنتين) علكوم مذكرة (ضخمة مثل
الرجل)
أطوم (قيل الزرافة)
تنويل
(التأمين)عيرانة(ناقة)
النحض (اللحم)
الزور(الصدر)
الخطم (الأنف)
اللحيين (الفكين) عسيب
النخل(الجريد الذي لم ينبت عليه
الخوص) غارز
(الضرع)
الأحاليل( العضو
الذكري)
.....
(*) السيرة النبوية لأبن هشام باب كعب بن زهير وقصيدته الشهيرة بانت سعاد. العقد الفريد لابن عبد ربه الجزء الثاني باب كتاب الزمردة الثانية في فضائل الشعر.
للقصة دلالات مهمة وهي أن كعب بن زهير عندما جاءه كتاب النبي لكي يسلم خاف من القتل وضاقت به الأرض وعندما أسلم أخيه قال قصيدته التي يعاتب أخيه فيها فبسرعة البرق أنتقل شعره إلى الجميع وخاف منه النبي ومن أشعاره وأهدر الذي لا ينطق عن الهوى دمه وصرح بأن من وجده يقتله !!!! وبذكاء الرجل لم يرى بدا من الشعر طريقا يسلكه إلى قلب محمد وقد كان ؛ فقال قصيدة التي تحدث فيها ووصف وأسهب عن محاسن سعاد الجسدية الحسية والنبي سعيد بالشعر فالقصيدة قد تزيد عن المائة بيت ومدح النبي بأبيات قليلة فعفا عنه النبي وكافأه وخلع عليه بردته التي اشتراها منه معاوية بعشرين ألف وهذا يدل على قيمة الشعر لدى النبي ....
* قال ابن هشام قال ابن إسحاق : قالت قتيلة بن الحارث أخت النضر بن الحارث أو بنته تبكيه :
يا راكبـا إن الأثيـل مظنــة من صبح خامسة وأنت موفق
ابلـغ بهـا ميتـا بـان تحيـة ما إن تزال بها النجائب تخفق
مني إليـك وعـبرة مسفـوحة جادت بواكفهـا وأخرى تخنق
هـل يسمعني النضر إن ناديته أم كيف يسـمع ميت لا ينطق
أمحمد يا خـير ضنْءِ كـريمة في قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضـرك لو مننت وربما منَّ الفتى وهو المغيظ المحنق
أو كنت قابـل فديـة فلينفقـن بأعـز ما يغـلو به مـا ينفق
فالنضر اقرب من أسرت قرابة وإحقهـم إن كـان عتق يعتق
ظلت سيـوف بني أبيـه تنوشه للـه أرحـام هنـاك تشـقق
صـبرا
يقـاد إلى المنيـة متعبا رسف المقيـد وهُو عانٍ
موثق
قال ابن هشام : فيقال ، والله اعلم : أن رسول الله صلعم لما بلغه هذا الشعر ، قال : لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه .(*) سيرة أبن هشام باب شعر قتيلة بنت الحارث تبكي أخاها النضر.
اختلف كتاب السيرة أبنت النضر أم أخته لكنها كانت جميلة وكان النبي يريد أن يتزوجها إلى أن كان من أبيها الذي أُسر في مرجع محمد من بدر فأمر النبي عليّ أبن أبي طالب أن يضرب عنقه فضربها. هنا نقرأ شعرا غاية في الرقة من أخت أو بنت تبكي أخيها أو أبيها الذي قتله محمد وتنادي وتقول كيف يسمع الأموات وحتى الإبل تبكي أباها وتقول يا محمد ما كان يضرك لو لم تقتله بعد أن أسرته وقيدته بالوثاق وتشقق الأرحام وتقطعها !!! ويجيب الذي لا ينطق عن الهوى لو سمعت هذا الشعر ما قتلته. وهنا نرى كيف أن النفس البشرية كانت عند محمد لا تساوي أكثر من بيتين من الشعر ويدل أيضا على موقع الشعر من قلب النبي وشفاعة الشعر لدى الذي جاء رحمة للعالمين.
* عن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي: كان رسول الله صلعم يجاور في حراء من كل سنة شهرا, وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية.فكان رسول الله صلعم ... يطعم من جاءه من المساكين فإذا قضى رسول الله صلعم جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعا ثم يرجع إلى بيته , حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله عز وجل فيه ما أراد من كرامته وذلك في شهر رمضان , خرج رسول الله صلعم إلى حراء معه أهله , حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد بها, جاءه جبريل بأمر الله فقال رسول الله صلعم فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ فقلت ما اقرأ؟ فغتني حتى ظننت انه الموت , ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت: ماذا اقرأ؟ وما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود إلى بمثل ما صنع بي قال "اقرأ باسم ربك الذي خلق" إلى قوله "علم الإنسان ما لم يعلم" قال فقراته قال : ثم انصرف عني وهببت من نومي وكأنما كتب في قلبي كتابا.قال : ولم يكن من خلق الله أحد ابغض إلى من شاعر أو مجنون , كنت لا أطيق أن انظر إليهما, قال : قلت :إنني شاعر أو مجنون لا تحدث بها عني قريش أبدا لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها فلأستريحن .
(*) تاريخ الطبري خبر عما كان من نبي الله صلعم عند ابتداء الله تعالى ذكره إياه بإكرامه بإرسال جبريل إليه بوحيه.
* قام الأقرع بن حابس عند النبي فقال: إني والله لقد جئت لأمر وقد قلت شعراً فاسمعه وقال:
أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا إذا خـالفونا عند ذكـر المكـارم
وإنا رؤوس الناس في كل غارة تكـون بنجـد أو بـأرض التهائم
وإن لنا
المـرباع في كل معشر
وأن ليس في
أرض الحجاز كدارم
فقال النبي صلعم لحسان: "قم فأجبه" فقام وقال:
بني درام لا تفخروا إن فخركم يصير وبالاً عند ذكـر المكارم
فإن كنتـم جئتم لحقن دمائكـم وأموالكم أن تقسموا في المقاسم
فـلا تجعلـوا الله نداً وأسلموا ولا تفخروا عند النبي بـدارم
وإلا ورب البيت قد مالت القنا على هامكم بالمرهفات الصوارم
(*) تفسير
البحر المحيط لأبي حيان (سورة
الحجرات)
* حدثنا ابن أبي خلف وأحمد بن عبدة المعنى قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد قال مر عمر بحسان وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه فقال قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك(أي النبي).
(*) سنن أبي داود كتاب الأدب باب ما جاء في الشعر.
محمد يحب الشعر والشعراء ويعفو عن الشعراء بمدحهم إياه ولو بلغه شعر أبنت الرجل الذي قتله ما كان قتله وينصب له شعراء يمدحونه ويسبون من عاداه ويحضر مباراة للشعر بين حسان والأقرع بن حابس وغيرهم والمسجد للصلاة ولتلاوة الشعر والشعر حكمة ومن كلام النبوة هذا في جانب وفي الجانب الآخر محمد يكره أن يكون شاعر والشاعر هو أبغض خلق الله عند محمد لا يطيق ينظر إليه وليمتلئ جوف الإنسان قيحا ولا يمتلئ شعرا والشعراء يتبعهم الغاوون !!! أين أقف؟ أين أضع قدمي؟ فأينما توجهت في الإسلام لا أجد إلا تناقض !!! تناقض في القرآن يقولون أنه ناسخ ومنسوخ وتدرج و... تناقض في الأحاديث ؛ الصحيح والحسن والضعيف والمسند والمتصل والمعضل والمرسل والمرفوع والمقطوع و... وكتب السيرة والرواة والأشياخ .. بحر يغص بالمتاهات ومن يقول عنهم السنة في علم الجرح والتعديل أنهم رواة ومحدثين ثقاة يقول عنهم الشيعة في علم الرجال أنهم كذابين مدلسين ... أين تجد الإبرة في كومة القش؟؟؟
لقد قال عرب الجاهلية المعاصرون لمحمد قولهم في القرآن وفي كل ما جاء به محمد ورد القرآن عليهم وجادلهم في ذلك وهذا شئ مهم أن نناقش الرأي والرأي المخالف له ؛ حتى نصل إلى الحقيقة التي يسعى إليها الجميع. ولقد سجل القرآن حوارهم وأقوالهم وسجل لنا ردود القرآن عليهم وأنا هنا سأستعرض أقوالهم وردود القرآن عليهم وفي كل ما سأستعرض من أوجه التشابه بين القرآن وأشعار الجاهلية من أفكار وتراكيب سيكون قول الفصل فيها أما لما قاله عرب الجاهلية عن القرآن أو ما قاله القرآن عن نفسه. وقبل أن أستعرض الآيات وتفسيرها سأستعرض ما كان يتلوه على مسامعي فضيلة الشيخ صباح مساء والذي لم تمله أقلام الجبناء والجهلة ويعتبرونه دليلا قاطعا على أن النبي لم يكتب شعرا ولم يكن شاعرا بل كان أبغض خلق الله له هو الشاعر:
* قال إسحاق بن راهوايه ... عن ابن عباس. أن الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله صلعم فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقَّ له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً. قال: لِمَ؟ قال: ليعطوكه فإنك أتيت محمداً لتعرض ما قبله. قال: قد علمت قريش أني أكثرها مالاً. قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له. قال: وماذا أقول؟ فوالله ما منكم رجل أعرف بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله أن لقوله الذي يقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو ولا يعلى، وإنه ليحطم ما تحته. قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه. قال: قف عني حتى أفكر فيه، فلما فكر. قال: إن هذا إلا سحر يؤثر يأثره عن غيره، فنزلت "ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً"(المدثر: 11-13). هكذا رواه البيهقي عن الحاكم عن عبد الله بن محمد بن علي الصنعاني بمكة عن إسحاق به.
(*) البداية والنهاية لأبن كثير الجزء الثالث باب: مجادلة النبي صلعم وإقامة الحجة الدامغة عليهم واعترافهم في أنفسهم بالحق وإن أظهروا المخالفة عناداً وحسداً وبغياً وجحوداً. السيرة النبوية لأبن هشام باب الوليد بن المغيرة و كيده للرسول ، وموقفه من القرآن.
نعم لقد مللت من هذا اللغو الفارغ الذي يخلوا من أي قواعد أو أسس من منطق وعقل وقد رموا القرآن خلف ظهورهم وتعلقوا بذلك الخيط الذي هو أوهى من خيوط العنكبوت وكأنه قرآن ينسخون به القرآن!!!
لكن الدارس المدقق الفاهم يجد أن القرآن يشهد أن العرب عندما سمعوا القرآن ووجدوا التشابه بينه وبين الشعر من حيث الصياغة قالوا أن محمدا شاعر وعندما رأوا التشابه بين أفكار القرآن وبين القصص المتداولة عندهم قالوا أساطير الأولين وسأورد من القرآن والتفاسير ما يدل على ذلك كما سأورد ما جاء به الشعراء قبل محمد وما أخذه محمد منهم ونرى هل صدق حكم العرب فيما قالوا وكذب إله محمد وفشل في دحض كلامهم أم صدق إله محمد وما قاله العرب وطعنهم في القرآن لم يكن إلا افتراء....
* وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ 112 (الأنعام)
قال الطبري: قوله:" يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوراً" يعني: أنه يُلقي الملقي (الرائي أو الشيطان) منهم القول الذي زيّنه وحسنه بالباطل إلى صاحبه ليغترّ به من سمعه فيضل عن سبيل الله.
(*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
قال القرطبي : "يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُورا " عبارة عما يوسوس به شياطين الجن إلى شياطين الإنس. وسُمِّيَ وَحْياً لأنه إنما يكون خفية، وجعل تمويههم زخرفاً لتزيينهم إياه؛ ومنه سمي الذهب زخرفا. وكل شيء حسَن مُمَوّه فهو زُخْرُف. والمزخرَف المزيّن.
(*) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
ظاهر النص يقول أن الله خصص لكل نبي شياطين يوحي بعضهم إلى بعض ولا نعرف من يوحي لمن لكن دعنا نأخذ بما قاله المفسرون بأن شياطين الجن يوحون إلى أعداء النبي زخرف القول أي الكلام البليغ المنمق فيضلوا الناس عن سبيل الله خلاصة القول أن البلاغة من الشياطين.
* بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ 5 (الأنبياء)
قال القرطبي : قال الزجاج : أي قالوا الذي يأتي به أضغاث أحلام . كما قالوا هو أخلاط كالأحلام المختلطة ; أي أهاويل رآها في المنام ; وقال القتبي : إنها الرؤيا الكاذبة وقال اليزيدي : الأضغاث ما لم يكن له تأويل. كما قالوا " بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ" ثم انتقلوا عن ذلك فقالوا " بل هو شاعر " أي هم متحيرون لا يستقرون على شيء قالوا مرة سحر , ومرة أضغاث أحلام , ومرة افتراه (والافتراء الاختلاق ) ومرة شاعر ."فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأوَّلُونَ" أي كما أرسل موسى بالعصا وغيرها من الآيات ومثل ناقة صالح . وقالوا : ينبغي أن يأتي بآية نقترحها ...
(*) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
وهنا يعرض لنا الإمام القرطبي رأي العرب المعاصرين لمحمد وهم الأكثر مقدرة على التقييم لأنهم كانوا في نفس الفترة الزمنية فهم الأقرب إلى عصر محمد ويمتلكون ناصية البلاغة والشعر فقالوا عن محمد أنه شاعر كما طالبوه عن أن يأتي بمعجزة مثل عصا موسى أو ناقة صالح وهذا يدل على معرفتهم بقصص الأنبياء الوارد ذكرهم في التوراة وكذلك معرفتهم بأساطير العرب في الجاهلية مثل ناقة صالح ولما كان العرب يمتلكون ناصية الكلام فليس هناك شك من أنهم قالوا في ذلك شعرا...
* أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ 30 قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ 31 أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ 32 أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ 33 فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ 34 (الطور)
قال الطبري : وقوله " أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون" يقول لك المشركون يا محمد: هو شاعر نتربص به حوادث الدهر , يكفيناه بموت أو حادثة متلفة قال ذلك قائلون من الناس تربصوا بمحمد صلعم , الموت يكفيكموه كما كفاكم شاعر بني فلان وشاعر بني فلان. وقوله "أم يقولون تقوله" يقول تعالى: يقول هؤلاء المشركون : تقّول محمد هذا القرآن وتخلقه. وقوله "فليأتوا بحديث مثله" يقول : جل ثناؤه : فليأت قائلو ذلك من المشركين بقرآن مثله
(*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
وهنا تأكيد من المحب الطبري على أن العرب قالوا عن محمد أنه شاعر.
* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ 40 وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ41 (الحاقة)
قال الطبري : " وما هو بقول شاعر" ما هذا القرآن بقول شاعر لأن محمدا لا يحسن قول الشعر , فتقولوا هو شعر .
(*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
وهنا جاء رد القرآن ضعيفا وهزيلا بالقول أنه قول رسول كريم فمن هو الرسول؟ هل هو محمد أم هو جبريل؟ أما نفيه بأن القرآن ليس بقول شاعر يدل على تكرر تقييمهم للقرآن بأنه قول شاعر ...
الموقف المتناقض من الشعر والشعراء :
* وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ 69 (يس)
قال القرطبي : "وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ" فيه أربع مسائل:
الأولى: قول من قال من الكفار إنه شاعر، وإن القرآن شعر وكذلك كان رسول الله صلعم لا يقول الشعر ولا يزِنه، وكان إذا حاول إنشاد بيت قديم(شعر جاهلي) متمثلاً كسر وزنه، وإنما كان يحرز المعاني فقط من ذلك أنه أنشد يوماً قول طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك من لم تزوده بالأخبار
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزوده(الأصل)
وقيل له من أشعر الناس فقال الذي يقول:
ألم تراني كلما جئت طارقا وجدت بها وإن لم تطيب طيبا
ألم تراني كلما جئت طارقا وجدت بها طيبا وإن لم تطيب(الأصل)
وأنشد يوماً:
أتجعل نهبي ونهب العبيـد بيـن الأقـرع وعيينـة
أتجعل نهبي ونهب العبيـد بيـن عيينـة والأقـرع(الأصل)
وقد كان عليه السلام ربما أنشد البيت المستقيم في النادر. روي أنه أنشد بيت (عبد الله بن رواحة):
يبيت
يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وقال
الحسن بن أبي الحسن: أنشد النبي عليه السلام: "كفى
بالإسلام والشيب للمرء ناهيا"
فقال أبو
بكر رضي الله عنه: يا رسول الله إنما قال الشاعر:
هريرة ودع
إن تجهزت غاديا كفي الشيب والإسلام للمرء
ناهيا
فقال
أبو بكر أو عمر: أشهد أنك رسول الله، يقول الله
"
وَمَا
عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ"
وعن
الخليل بن أحمد: كان الشعر أحب إلى رسول الله
صلعم من كثير
من الكلام، ولكن لا يتأتَّى له.
الثانية: إصابته الوزن أحياناً لا يوجب أنه يعلم الشعر، وكذلك ما يأتي أحياناً من نثر كلامه ما يدخل في وزن، كقوله يوم حُنين وغيره:
هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
وقوله: أنا النبي لا كذب أنا أبن عبـد المطلب
فقد يأتي
مثل ذلك في آيات القرآن، وفي كل كلام؛ وليس ذلك شعراً ولا في معناه؛ كقوله
تعالى:"
لَن
تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ"
(آل
عمران: 92) وقوله:"
نَصْرٌ
مِّن الله وَفَتْحٌ
قَرِيبٌ"
(الصف:
13) وقوله:"
وَجِفَانٍ
كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ"(سبأ: 13)
إلى غير ذلك من الآيات. (*)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
وهنا يعرض لنا الإمام القرطبي رأيا مضحكا بأن أبي بكر أو عمر آمن أن محمدا نبي وليس بشاعر لأنه كان يقول أبيات الشعر فيبدل كلمة عن مكانها في بعض الأحيان ولكن كان يقول أحيانا أخرى أبياتا موزونة في القرآن أو يستشهد بقول شاعر من الشعراء وهذا يدل على حفظه لشعر الجاهلية وإطلاعه على ما قالوا ...
أما رد النبي عن من أشعر الناس فقال البيت الذي لأمرؤ القيس ويحفظه النبي فهو من قصيدة لأمرؤ القيس فيها:
خليـلي مرا بي عـلى أم جندب لنقضي حاجات الفؤاد المعذب
فإنكما إن تنظراني ليلة من الدهر تنفعنـي، لـدي أم جنـدب
ألم تراني
كلما جئت طارقا وجدت بهـا طيبـا، وإن لـم
تطيب
(*) تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي (ق: 21-30)
* وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ 224 أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ 225 وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ 226 (الشعراء)
قال الطبري : اختلف أهل التأويل في الذين وصفوا بالغي في هذا الموضع فقال بعضهم : رواة الشعر وقال آخرون هم الشياطين وذكر من قال عصاة الجن وقال آخرون هم السفهاء ذكر من قال كان رجلان على عهد رسول الله صلعم أحدهما من الأنصار والآخر من قوم آخرين وأنهما تهاجيا , وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه , وهم السفهاء , فقال الله "والشعراء يتبعهم الغاوون..." وقال آخرون هم ضلال الجن والإنس . وذكر من قال هم الكفار يتبعهم ضلال الجن والإنس. ذكر من قال : الغاوون المشركون. وأولى الأقوال بالصواب أن يقال فيه ما قال الله جل ثناؤه : إن شعراء المشركين يتبعهم غواة الناس , ومردة الشياطين , وعصاة الجن.
(*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
وهنا يعرض لنا المحب الطبري عمدة المفسرين أن شعراء المشركين يتبعهم غواة الناس ومردة الشياطين وعصاة الجن لكن لا نعرف من كان يتبع شعراء النبي مثل حسان أبن ثابت وغيره؟
* وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ 25 (الأنعام)
قال الطبري :"إن هذا إلا أساطير الأولين" أي ما هذا إلا أساطير الأولين. والأساطير: جمع إسطارة وأسطورة مثل أفكوهة وأضحوكة ... فإن تأويله : ما هذا إلا ما كتبه الأولون . وذكر عن ابن عباس وغيره أنهم كانوا يتأولونه بهذا التأويل , ويقولون معناه: إن هذا إلا أحاديث الأولين . "أساطير الأولين" فأساجيع الأولين . وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول : الإسطارة : لغة الخرافات والترهات . (*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
وهنا يطلعنا الطبري على رأي المعاصرين لمحمد أن ما قاله محمد في القرآن ما هو إلا قصص الأولين وخرافاتهم وأساطيرهم الذين سطروها في سجعهم وأشعارهم ...
* وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا إِنْ هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ31 (الأنفال)
قال القرطبي: نزلت في النَّضر بن الحارث؛ كان خرج إلى الحِيرة في التجارة فاشترى أحاديث كَلِيلة ودِمنة، وكِسرى وقيصر؛ فلما قصّ رسول الله صلعم أخبار من مضى قال النضر: لو شئت لقلت مثل هذا. وكان هذا وَقاحة وكذِبا. وقيل: إنهم توهموا أنهم يأتون بمثله، كما توهّمت سحرة موسى، ثم راموا ذلك فعجزوا عنه وقالوا عِناداً: إن هذا إلا أساطير الأوّلين.(*) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
ويطلعنا الإمام القرطبي على أن أقاصيص كليلة ودمنة كانت موجودة في عصر محمد ويتداولها العرب هناك بينهم كما أنهم قال النضر بن الحرث نحن نستطيع أن نقول مثل ما قال محمد ولو شاء لنا أن نطلع على ما قاله النضر لعرفنا إلى أي مدى صدقوا أم كذبوا لكن سيف محمد لم يمهلهم فالنضر هذا لم يجد محمد وسيلة أمامه إلا إخراس هذا الرجل بالسيف كما قال ذلك الطبري.
قال الطبري : عني المشركون بقولهم :" إن هذا إلا أساطير الأولين" إن هذا القرآن الذي تتلوه علينا يا محمد إلا ما سطر الأولون وكتبوه من أخبار الأمم . كأنهم أضافوه إلى أنه أخذ عن بني آدم , وأنه لم يوجه الله إليه ."وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا" قال : كان النضر بن الحارث يختلف تاجرا إلى فارس , فيمر بالعباد وهم يقرءون الإنجيل , ويركعون ويسجدون . فجاء مكة , فوجد محمدا صلعم قد أنزل عليه وهو يركع ويسجد فقال النضر : قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ! للذي سمع من العباد . وكان النضر يختلف إلى الحيرة , فيسمع سجع أهلها وكلامهم . فلما قدم مكة , سمع كلام النبي صلعم والقرآن , فقال " قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين" يقول : أساجيع أهل الحيرة . وأن رسول الله صلعم قتل يوم بدر ثلاثة رهط من قريش صبرا المطعم بن عدي , والنضر بن الحارث , وعقبة بن أبي معيط . فلما أمر بقتل النضر , قال المقداد بن الأسود : أسيري يا رسول الله ! قال : " إنه كان يقول في كتاب الله وفي رسوله ما كان يقول " قال : فقال ذلك مرتين أو ثلاثا , فقال رسول الله صلعم " اللهم أغن المقداد من فضلك! " وكان المقداد أسر النضر.(*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
* وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ 24 (النحل)
قال الطبري : " وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين" قال من المشركين"ماذا أنزل ربكم" أي شيء أنزل ربكم ؟ قالوا : الذي أنزل ما سطره الأولون من قبلنا من الأباطيل .وقالوا أحاديث الأولين وباطلهما , قال ذلك قوم من مشركي العرب كانوا يقعدون بطريق من أتى النبي صلعم فإذا مر بهم أحد من المؤمنين يريد نبي الله صلعم , قالوا لهم : أساطير الأولين , يريد : أحاديث الأولين وباطلهم . (*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
قال القرطي : " وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم " يعني وإذا قيل لمن تقدم ذكره ممن لا يؤمن بالآخرة وقلوبهم منكرة بالبعث " ماذا أنزل ربكم " . قيل : القائل النضر بن الحارث وأن الآية نزلت فيه وكان خرج إلى الحيرة فاشترى أحاديث " كليلة ودمنة " فكان يقرأ على قريش ويقول : ما يقرأ محمد (أليس هو النبي الأمي) على أصحابه إلا أساطير الأولين ; أي ليس هو من تنزيل ربنا. وقيل : إن المؤمنين هم القائلون لهم اختبارا فأجابوا بقولهم " أساطير الأولين " فأقروا بإنكار شيء هو أساطير الأولين. والأساطير : الأباطيل والترهات .
(*) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
* لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ83 (المؤمنون)
قال الطبري :" إلا أساطير الأولين" أي ما سطره الأولون في كتبهم من الأحاديث والأخبار التي لا صحة لها ولا حقيقة. (*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
* وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا 5(الفرقان)
قال الطبري : نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي كان من شياطين قريش , وكان قد قدم الحيرة , تعلم بها أحاديث ملوك فارس وأحاديث رستم وأسفنديار , فكان رسول الله صلعم إذا جلس مجلسا فذكر بالله وحدث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله , خلفه في مجلسه إذا قام(جاءهم بعده) يقول : أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه , فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ! ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار , ثم يقول : ما محمد أحسن حديثا مني ! قال : فأنزل الله تبارك وتعالى في النضر ثماني آيات من القرآن , قوله :" إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين"...أي أشعارهم وكهانتهم قالها النضر بن الحارث. فتأويل الكلام : قال هؤلاء المشركون بالله الذين قالوا لهذا القرآن إن هذا إلا إفك افتراه محمد صلعم: هذا الذي جاءنا به محمد أساطير الأولين , يعنون أحاديثهم التي كانوا يسطرونها في كتبهم , اكتتبها محمد صلعم من يهود . "فهي تملى عليه" يعنون بقوله :" فهي تملى عليه" فهذه الأساطير تقرأ عليه , من قولهم : أمليت عليك الكتاب وأمللت ." بكرة وأصيلا" يقول : وتملى عليه غدوة وعشيا . (*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
قال أبن كثير : " وقالوا أساطير الأولين اكتتبها " يعنون كتب الأوائل أي استنسخها " فهي تملى عليه " أي تقرأ عليه " بكرة وأصيلا " أي في أول النهار وآخره.(*) تفسير أبن كثير.
وهنا يقرر أبن كثير وغيره من المفسرين للقرآن أن العرب المعاصرين قالوا أن النبي كان يستمع لقصص السابقين وتتردد على مسامعه نهارا وليلا سواء شفاهه أو أن أحدا كان يقرأها أمامه كما كان يفعل النضر بن الحرث أو شعرا من خلال القصائد التي كان العرب يحفظونها....
* لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ 68 (النمل)
قال الطبري : يقول : لقد وعدنا هذا من قبل محمد واعدون وعدوا ذلك آباءنا , فلم نر لذلك حقيقة , ولم نتبين له صحة . يقول : قالوا : ما هذا الوعد إلا ما سطر الأولون من الأكاذيب في كتبهم , فأثبتوه فيها وتحدثوا به من غير أن يكون له صحة . (*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
* إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ 15(القلم)(المطففين: 13)
وقوله " إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين" يقول : إذا تقرأ عليه آيات كتابنا , قال : هذا مما كتبه الأولون استهزاء به وإنكارا منه أن يكون ذلك من عند الله . (*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
ومن تكرار الآيات نستدل على رأي عرب الجاهلية المتكرر أن ما يقوله محمد ما هو إلا قصص وأساطير وترهات السابقين.
نعم لقد أحتار المفسرون في كلمة أساطير الأولين ما بين الاستعمال الدارج وهو خرافات وترهات السابقين وبين التفسير اللغوي فيقول أبن منظور في لسان العرب تحت مادة سطر جمعها أسطر وأساطير وسطور واسطر هو الخط والكتابة ومعناها ما تقوله يا محمد هو ما كتبه وسطره السابقون.
الغيب عند عرب الجاهلية ومحمد :
* ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ 44(آل عمران)
قال الطبري : " ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك" يعني ذلك الأخبار التي أخبر الله بها عباده عن امرأة عمران وابنتها مريم وزكريا , وابنه يحيى , وسائر ما قص في الآيات من قوله " إن الله اصطفى آدم ونوحا" ثم جمع جميع ذلك تعالى ذكره بقوله ذلك فقال هذه الأنباء من أنباء الغيب أي من أخبار الغيب . ويعني بالغيب , أنها من خفي أخبار القوم التي لم تطلع أنت يا محمد عليها ولا قومك , ولم يعلمها إلا قليل من أحبار أهل الكتابين ورهبانهم ثم أخبر تعالى نبيه محمدا صلعم بذلك حجة على نبوته , وتحقيقا لصدقه , وقطعا منه به عذر منكري رسالته من كفار أهل الكتابين الذين يعلمون أن محمدا لم يصل إلى علم هذه الأنباء مع خفائها ولم يدرك معرفتها مع خمولها عند أهلها إلا بإعلام الله ذلك إياه , إذ كان معلوما عندهم أن محمدا صلى صلعم أمي لا يكتب فيقرأ الكتب فيصل إلى علم ذلك من قبل الكتب , ولا صاحب أهل الكتاب فيأخذ علمه من قبلهم . (*) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
قال الطبري أن الحجة القاطعة على نبوتة وتحقيقا لصدقه , وقطعا من الله لأعذار منكري رسالته من كفار أهل الكتابين هو أن محمدا حكى القصص السابقة ؛ فماذا يحدث لو عرفنا أن كل تلك القصص جاء بها شعراء الجاهلية قبل محمد فترى من أوحى لشعراء الجاهلية بتلك القصص والتي تتطابق تماما مع القرآن وربما تختلف عن القصص الواردة في كتاب الله التوراة والإنجيل!!!
* قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ 48 تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ 49 (هود)
قال أبن كثير : يقول تعالى لنبيه صلعم هذه القصة وأشباهها " من أنباء الغيب" يعني من أخبار الغيوب السالفة نوحيها إليك على وجهها كأنك شاهدها نوحيها إليك أي نعلمك بها وحيا منا إليك " ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا " أي لم يكن عندك ولا عند أحد من قومك علم بها حتى يقول من يكذبك إنك تعلمتها منه بل أخبرك الله بها مطابقة لما كان عليه الأمر الصحيح كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك .
(*) تفسير أبن كثير.
وهنا يؤكد أبن كثير على أن من دلائل نبوة محمد أن تلك القصص أعطاها الله لمحمد ولم يكن يعرفها أحدا من قوم محمد قبل أن يأتي بها القرآن. لكن ماذا يحدث لو عرفنا أن قوم محمد قالوا قصص القرآن قبل محمد وبنفس التراكيب والأفكار؟ هل كان يجهل إله القرآن أن العرب سطروا تلك القصص في أشعارهم؟ إذا كان ذلك من أنباء الغيب أوحى بها الله لمحمد فمن أوحى لشعراء الجاهلية بتلك القصص؟
* أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 38 (يونس) (البقرة :23)
* أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 13 (هود)
" أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله" يقول تعالى ذكره أم يقول هؤلاء المشركون : افترى محمد هذا القرآن من نفسه فاختلقه وافتعله. قل يا محمد لهم : إن كان كما تقولون إني اختلقته وافتريته ؛ فإنكم مثلي من العرب ولساني وكلامي مثل لسانكم , فجيئوا بسورة مثل هذا القرآن .(*) جامع البيان للطبري.
* فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ 34 (الطور)
أي إن كانوا صادقين في قولهم تقوله وافتراه فليأتوا بمثل ما جاء به محمد صلعم من هذا القرآن فإنهم لو اجتمعوا هم وجميع أهل الأرض من الجن والإنس ما جاءوا بمثله ولا بعشر سور من مثله ولا بسورة من مثله .(*) تفسير أبن كثير.
الآيات لا تحتاج إلى تفسير لكنه من قبيل رد الشبهات بالتأويل أوردت ما قاله كبار المفسرين لكن الآيات تدل على نقاط مهمة وهي أن العرب قالوا لمحمد أن هذا القرآن من عندك يا محمد وأنت مفتري ؛ لكن لا أعرف لماذا تحداهم مرة بمثله ومرة بعشر سور ومرة بسورة؟ ...
لكن هل يرضى المسلمون بهذا التحدي أم أن كل من يقترب من القرآن يتهم بالكفر بالردة بالفتنة وعشرات التهم عقوبة كل واحدة القتل !!!
ما معنى أن تتحدى ملاكما ولا تدعوه للنزال؟ ما معنى أن تقول هذا ذهبا ولا يخضع لفحص الرجل المتخصص في كشف زيف الذهب من صدقه؟ ما معنى التحدي إن لم نضع القرآن في المواجهة مع الشعر الجاهلي حتى نعرف نتيجة التحدي؟ إن هذا العمل كان ضروريا لا ممن يعتقدون بزيف القرآن وأنه من عند محمد وليس من عند الله ؛ بل هو ضرورة كان على المؤمنين بالقرآن أنه من عند الله أن يضعوه في الميزان مع الشعر الجاهلي ويثبتوا أنه يختلف عن الشعر شكلا ومضمونا.
والآن سأستعرض ماذا قال شعراء الجاهلية وما سطروا في أشعارهم ونحكم على من هو الصادق ومن الكاذب؟ هل ما قاله محمد في كتابه هو أساطير وقصص وخرافات وترهات السابقين كما قال شعراء الجاهلية أم هو من أنباء الغيب أوحى بها الله لمحمد ولم يكن يعرفها قبله أحدا من قومه؟ هل جاء الشعراء بسورة مثله من حيث التركيب والأفكار وصدقوا في قولهم أن محمدا مفتري أم عجزوا وصدق إله محمد في تحديهم؟ هل محمد تعلم الشعر وأستمع للشعراء وكان يكن للشعر تقديرا كبيرا بل كان يعشق الشعر أم كان يبغض الشعر والشعراء ولا يطيق سماعه وسماعهم؟
لقد عرف النبي أهمية الشعر ووقعه على عقلية العربي البدوي وتأثير الموسيقى الشعرية في النفوس ؛ بل كان الشعر يحظى بقدر كبير من التقديس ومن مظاهر تقديس العرب للشعر أنهم كانوا يكتبون أجود أشعارهم بماء الذهب ويعلقونها على أستار الكعبة فسميت بالمعلقات تارة والمذهبات تارة أخرى وهذا يدل على ما يحتله الشعر عند عرب الجاهلية من تقدير وتقديس ؛ كما كانوا يسجدون بعد سماعهم للقصائد الرائعة وكان محمد يعرف ذلك جيدا بكونه أبن تلك البيئة التي نشأ فيها وترعرع.
* سمع الفرزدق رجلا ينشد قول لبيد:
وجلا السيول عن الطلول كأنها زبر تُجد متونها أقلامها
فسجد فقيل ما هذا يا أبا فراس؟ فقال أنتم تعرفون سجدة القرآن وأنا أعرف سجدة الشعر. وروي أنه لما أنشد لبيد قصيدته هذه في الجاهلية وبلغ قوله :
يعلو طريقة متنها متواتر في ليلة كفر النجوم غمامها
سجد له شعراء زمانه. (*) بلوغ الأرب للألوسي باب لبيد بن ربيعة العامري.الإصابة لأبن حجر
أدرك محمد تلك الحقيقة ومكانة الشعر وقدسيته في قلوب ونفوس العرب فقال عن الشعر أنه حكمة وأنه من كلام النبوة وقال عن نفسه أنه يسجع كسجع الأعراب ولازال المسلمين في العالم يقولون أن القرآن جاء يتحدى العرب في البلاغة فالقاسم المشترك بين القران وشعر الجاهلية هو البلاغة. أدرك محمد تلك الحقيقة فافتتح له مدرسة تلقنه وتعلمه وتتلو على مسامعه أشعار فحول الشعراء وأبلغ قصائدهم وعظاتهم التي سمعها قبلا ويحفظ منها الكثير ويريد المزيد.
* حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي... عن المغيرة بن شعبة قال رسول الله صلعم "أسجع كسجع الإعراب" " أسجع كسجع الجاهلية "(*) صحيح مسلم كتاب القسامة والقصاص والديات باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطا وشبه العمد على عاقلة الجاني 4487 - . سنن النسائي كتاب القسامة باب دية جنين المرأة . مسند أحمد حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه فتح الباري شرح صحيح البخاري كِتَاب الطِّبِّ باب الكهانة
* حدثني مالك، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر، أنه قال قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما فقال رسول الله صلعم " إن من البيان سحر" . أو قال " إن بعض البيان سحر "(*) موطأ مالك كتاب الكلام باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله 1820 . سنن أبي داود كتاب الأدب باب ما جاء في المتشدق في الكلام
* حدثنا أبو بكر... عن أبى بن كعب أن رسول الله صلعم قال " إن من الشعر لحكمة " .
* حدثنا أبو بكر... عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلعم كان يقول " إن من الشعر حكما " (*) سنن أبن ماجه كتاب الأدب باب الشعر3888 -3887 - سنن الدارمي كِتَابِ الاسْتِئْذَانِ باب في إن من الشعر حكمة
* حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة... عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلعم " لأن يمتلئ جوف الرجل قيحا يريه خير من أن يمتلئ شعرا " . قال أبو بكر إلا أن حفصا لم يقل " يريه " .
* حدثنا محمد بن المثنى... عن محمد بن سعد عن سعد عن النبي صلعم قال " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خير من أن يمتلئ شعرا " .
* حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي...عن أبي سعيد الخدري قال بينا نحن نسير مع رسول الله صلعم بالعرج إذ عرض شاعر ينشد فقال رسول الله صلعم " خذوا الشيطان أو أمسكوا الشيطان لأن يمتلئ جوف رجل قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا ". (*) صحيح مسلم كتاب الشعر 6032 - 6031 - 6030 - سنن الدارمي كِتَابِ الاسْتِئْذَانِ باب لأن يمتلئ جوف.
وبرغم ذلك التناقض المحير في موقف النبي من الشعر والشعراء فهو لا يخرج عن النطاق والسياق العام للخطاب القرآني المحمدي في جميع المجالات وهو دائم التناقض ابتداء من الخمر وموقفه من الديانات الأخرى وأهل الكتاب وحتى بين الكفر والإيمان وغيره من المواقف المتناقضة والتي يحاول شُرّاح القرآن ومفسريه جاهدين لملمة ذلك الخرق المتسع بالناسخ والمنسوخ وبرغم أحاديث النبي المتناقضة إلا أنه نهل من ينابيع الشعر على يد أساتذتها الكبار؛ فكان النبي يذهب إلى سوق عكاظ ذلك السوق الذي كان العرب يتوافدون عليه من كل حدب وصوب ؛ ففيه كانت تعلق القصائد السبع الشهيرة بفصاحتها ويرتفع معها لواء تخليد ذكرى هؤلاء الشعراء ذلك اللواء الذي يتسابق العرب لشرف أن ينضوا تحته. ففي سوق عكاظ هناك كان النبي يستمع لفحول الشعراء وخطب ومواعظ وأشعار الأستاذ القس المصقع بن ساعدة الأيادي وهو على جمله الأورق والذي ظل عالقا في ذهن النبي لا ينساه ويسعى حثيثا لمن يعيدها على أسماعه خاصة تلك الخطب الشهيرة والمليئة بالمواعظ والعبر ناهيك عن فصاحتها وبلاغتها.
الأستاذ القس بن ساعدة الأيادي :
* قال أبن كثير في البداية والنهاية قال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب (هواتف الجان): ... عن عبادة بن الصامت قال: لما قدم وفد إياد على النبي صلعم قال: يا معشر وفد إياد ما فعل قس بن ساعدة الإيادي. قالوا: هلك يا رسول الله. قال:لقد شهدته يوماً بسوق عكاظ على جمل أحمر يتكلم بكلام معجب مونق لا أجدني أحفظه. فقام إليه أعرابي فقال: أنا أحفظه يا رسول الله. قال: فسر النبي صلعم بذلك ...
وقد رواه الطبراني في المعجم الكبير: ... عن ابن عباس قال: قدم وفد عبد القيس على النبي صلعم فقال: أيكم يعرف القس بن ساعدة الإيادي. قالوا: كلنا يعرفه يا رسول الله. قال: فما فعل؟ قالوا: هلك. قال: فما أنساه بعكاظ في الشهر الحرام وهو على جمل أحمر وهو يخطب الناس وهو يقول: يا أيها الناس اجتمعوا واستمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، .....
ثم قال رسول الله صلعم : أفيكم من يروي شعره؟ فأنشده بعضهم
في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر
..... إلى آخر الأبيات التي سيرد ذكرها
وهكذا أورده الحافظ البيهقي في كتابه (دلائل النبوة) من طريق محمد بن حسان السلمي به... . وقد رواه البزار، وأبو نعيم من حديث محمد بن الحجاج هذا. ورواه ابن درستويه، وأبو نعيم من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وهذه الطريق أمثل من التي قبلها، وفيه: إن أبا بكر هو الذي أورد القصة بكمالها نظمها ونثرها، بين يدي رسول الله صلعم ورواه الحافظ أبو نعيم من حديث أحمد بن موسى بن إسحاق الحطمي... عن ابن عباس قال: قدم وفد بكر بن وائل على رسول الله صلعم فقال لهم: ما فعل حليف لكم يقال له قس بن ساعدة الإيادي. وذكر القصة مطولة.... وهو القائل في يوم عكاظ: شرق وغرب، ويتم وحزب، وسلم وحرب، ويابس ورطب، وأجاج وعذب، وشموس وأقمار، ورياح وأمطار، وليل ونهار، وإناث وذكور، وبرار وبحور، وحب ونبات، وآباء وأمهات، وجمع وأشتات، وآيات في إثرها آيات، ونور وظلام، ويسر وإعدام، ورب وأصنام. لقد ضل الأنام، نشوّ مولود، ووأد مفقود، وتربية محصود، وفقير وغني، ومحسن ومسيء، تباً لأرباب الغفلة، ليصلحن العامل عمله، وليفقدن الآمل أمله، كلا بل هو إله واحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدى، وأمات وأحيا، وخلق الذكر والأنثى، رب الآخرة والأولى. أما بعد: فيا معشر إياد، أين ثمود وعاد؟ وأين الآباء والأجداد؟ وأين العليل والعواد؟ كل له معاد، يقسم قس برب العباد، وساطح المهاد، لتحشرن على الانفراد، في يوم التناد، إذا نفخ في الصور، ونقر في الناقور، وأشرقت الأرض، ووعظ الواعظ، فانتبذ القانط، وأبصر اللاحظ. فويل لمن صدف عن الحق الأشهر، والنور الأزهر، والعرض الأكبر، في يوم الفصل، وميزان العدل، إذا حكم القدير، وشهد النذير، وبعد النصير، وظهر التقصير، ففريق في الجنة، وفريق في السعير. وهو القائل:
ذكــر القلب من جواه أد كار وليـال خــلالهن نهـار
وسجـال هواطل من غمــام ثرن ماء وفي جـواهن نار
ضوءها يطمس العيون وأرعاد شــداد في الخافقين تطار
وقصور مشيدة حــوت الخير وأخــرى خلت بهن قفار
وجبال شــــوامخ راسيات وبحــار ميهاههن غـزار
ونجوم تلــوح في ظلم الليل نراها في كـل يــوم تدار
ثم شمس يحثها قمــر الليل وكــل متـابع مــوار
وصغيــر وأشمط وكبيـر كلهم في الصعيد يوما مزار
وكبيـر ممـا يقصــر عنه حدسه الخاطر الذي لا يحار
فالذي قـد ذكرت دل على الله
نفـوسا لها هـدى واعتبار
قال: فقال رسول الله صلعم :مهما نسيت فلست أنساه بسوق عكاظ، واقفاً على جمل أحمر يخطب الناس: اجتمعوا فاسمعوا، وإذا سمعتم فعوا، وإذا وعيتم فانتفعوا وقولوا، وإذا قلتم فاصدقوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، مطر ونبات، وأحياء وأموات، ليل داج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وضوء وظلام، وليل وأيام، وبر وآثام. إن في السماء خبراً، وإن في الأرض عبراً، يحار فيهن البصرا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تغور، وبحار لا تفور، ومنايا دوان، ودهر خوان، كحد النسطاس، ووزن القسطاس. أقسم قس قسماً لا كاذباً فيه ولا آثماً، لئن كان في هذا الأمر رضي، ليكونن سخط. ثم قال: أيها الناس إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه، وهذا زمانه وأوانه. ثم قال: ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟. والتفت رسول الله صلعم إلى بعض أصحابه فقال: وأيكم يروي شعره لنا؟ فقال أبو بكر الصديق: فداك أبي وأمي، أنا شاهد له في ذلك اليوم حيث يقول:
في الـذاهبين الأولين من القــرون لنا بصائر
لمـا رأيت مـوارداً للمـوت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوهـا يمضي الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلي ولا من الباقين غابـــر
أيقنت أنـي لا محالة
حيث صار القوم صائـر
قال: فقام إلى رسول الله صلعم شيخ من عبد القيس عظيم الهامة، طويل القامة، بعيد ما بين المنكبين فقال: فداك أبي وأمي، وأنا رأيت من قس عجباً. فقال له رسول الله صلعم : ما الذي رأيت يا أخا بني عبد القيس؟ فقال: خرجت في شبيبتي أربع بعيراً لي فدعني أقفو ... وإذا أنا بقس بن ساعدة في أصل تلك الشجرة وبيده قضيب. فدنوت منه، وقلت له: أنعم صباحاً. فقال: وأنت فنعم صباحك، وقد وردت العين سباع كثيرة فكان كلما ذهب سبع منها يشرب من العين قبل صاحبه، ضربه قس بالقضيب الذي بيده، وقال: اصبر حتى يشرب الذي قبلك، فذعرت من ذلك ذعراً شديداً، ونظر إليّ فقال: لا تخف. وإذا بقبرين بينهما مسجد، فقلت: ما هذا القبران؟ قال: قبرا أخوين كانا يعبدان الله عز وجل بهذا الموضع، فأنا مقيم بين قبريهما اعبد الله حتى ألحق بهما، فقلت له: أفلا تلحق بقومك فتكون معهم في خيرهم، وتباينهم على شرهم؟ فقال لي: ثكلتك أمك، أو ما علمت أن ولد إسماعيل تركوا دين أبيهم، واتبعوا الأضداد، وعظموا الأنداد، ثم أقبل على القبرين وأنشأ يقول:
خليلـي هبَّا طـالما قـد رقدتمـا أجدكمـا لا تقضيان كـراكما
أرى النوم بين الجلد والعظم منكما كأن الذي يسقي العقار سقاكما
أمن طــول نوم لا تجيبان داعياً كأن الذي يسقي العقار سقاكما
ألـم تعلما أني بنجران مفــرداً وما لي فيه من حبيب سواكما
مقيم علـى قبريكمـا لست بارحاً إياب الليالي أو يجيب صداكما
أأبكيكما طول الحياة ومــا الذي يرد على ذي لوعة أن بكاكما
فلـو جعلت نفس لنفس امرئ فدى لجدت بنفسي أن تكون فداكما
كأنكما والمـــوت أقـرب غاية
بروحي في قبريكما قد أتاكما
قال: فقال رسول الله صلعم رحم الله قساً أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة واحدة. (*) البداية والنهاية لأبن كثير باب ذكر قس بن ساعدة الإيادي.
هذه أخبار واحد من أساتذة محمد الذي كان لا ينسى مواعظ القس بن ساعدة في سوق عكاظ وأشعاره التي كان يحفظها أبي بكر وكان يُسمعها للنبي كما كان النبي لا يترك فرصة تفوته عندما يجد أحدا من قبيلة القس بن ساعدة حتى يسأله عن أخبار أبن ساعدة ومواعظه وأشعاره لينهل منها المزيد والمزيد.أما ما فيها من ألفاظ وأفكار مطابقة للقرآن لا تخفى على أحد.
أما الأستاذ أمية أبن أبي الصلت الثقفي الذي تشابه النبي معه كثيرا من وجوه عده ومنها أنه سمي بأبي القاسم كما محمد وسافر إلى الشام كما محمد وأتصل برهبان النصارى كما محمد وشق صدره قبل محمد وكان له رائي كما كان لمحمد ويحكى أن الجن كانت تطيعه وكان للنبي أصدقاء من الجن يستمعون للقرآن ويمدحون ما فيه من تعاليم ويدعون قبائلهم لأتباعه بل جاءوا بسورتين من سور القرآن الأحقاف والجن ... نعم كان أمية قدوة للنبي وكان له الدور الأبرز في التأثير على النبي وعلى أفكار القرآن فجاء القرآن نسخة محرفة عن سفر أمية أبن أبي الصلت ولم ينكر النبي ذلك.
* اخبرنا علي بن عبد الله الزاغوني .... عن الشريد الهمذاني قال: خرجنا مع رسول الله صلعم في حجة الوداع فبينما أنا امشي ذات يوم إذ وقع ناقة خلفي فالتفت فإذا رسول الله صلعم فقال: " الشريد " قلت: نعم قال: " ألا أحملك " قلت: بلى وما في إعياء ولا لغوب ولكني أردت البركة في ركوبي مع رسول الله صلعم فأناخ فحملني فقال: أمعك من سفر أمية بن أبي الصلت قلت: نعم قال: " هات " فأنشدته قال: أظنه مائة بيت قال: وقال صلعم: عند الله علم أمية بن أبي الصلت عند الله علم أمية بن أبي الصلت.(*)المنتظم في التاريخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الجزء الثالث غزوة بني قينقاع.
سفر أمية أبن أبي الصلت أو ديوانه الذي شرحه وجمعه محمد بن حبيب 245هـ وأستند إليه عبد القادر بن عمر البغدادي صاحب خزانة الأدب 1067هـ ومحمد مرتضى الزبيدي 1205هـ وبكل آسى وحزن ضاع السفر أو طمسوه أو أخفوه ذلك السفر الذي كان محمد به حفيا وشغوفا ويحب أن يسمعه ويستزيد منه وما ترك فرصة تفلت من بين يده حتى يقتنصها فكان دائم السؤال عن أشعار أمية لدى أصحابه ولكم سجل لنا التاريخ العربي والإسلامي أن النبي كان يختلي بالفارعة أخت أمية لتحكي له عن قصص أخيها وأشعاره .
* قال الطبرسي أمية بن أبي الصلت الثقفي الشاعر، واستنشد رسول الله أخته شعره بعد موته فأنشدته:
لك الحمد والنعماء والفضل ربنا ولا شيء أعلى منك جدا وأمجد
مليك على عرش السماء مهيمن لعـزته تعنـو الوجوه وتسجـد
وهي قصيدة طويلة حتى أتت على آخرها، ثم أنشدته قصيدته التي فيها. وقف الناس للحسـاب جميعا فشقـي معـذب وسعـيد
والتي فيها:
عند ذي العرش تعرضون عليه يعلم الجهر والسرار الخفيا
يوم يأتي الـرحمن وهو رحيم إنـه كـان وعـده مأتيـا
رب إن تعف فالمعافـاة ظنـي أو تعاقب فلـم تعاقب بريا
(*) تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي(الأعراف :175)
وتتواتر الأحاديث عن حب النبي ولهفته لسماع شعر أمية أبن أبي الصلت
* حدثنا عمرو الناقد، وابن أبي عمر، كلاهما ... عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال ردفت رسول الله صلعم يوما فقال " هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيئا " . قلت نعم قال " هيه " . فأنشدته بيتا فقال " هيه " . ثم أنشدته بيتا فقال " هيه " . حتى أنشدته مائة بيت .
* حدثنا يحيى بن يحيى... عن عمرو بن الشريد عن أبيه، قال استنشدني رسول الله صلعم . بمثل حديث إبراهيم بن ميسرة وزاد قال " أن كاد ليسلم " . وفي حديث ابن مهدي قال " فلقد كاد يسلم في شعره " .
(*) صحيح مسلم كتاب الشعر. 6022 – 6023 - 6024 -
* ومن حديث ابن أبي شَيْبة: أن النبيّ صلعم أردف الشريد فقال له النبي صلعم تَرْوي من شِعر أمية بن أبي الصلت شيئاً قلتُ: نعم قال فأتنشدني فأنشدته. فجعل يقول بين كل قافيتين: هيه حتى أنشدته مائة قافية.(*)العقد الفريد باب كتاب الزمردة الثانية في فضائل الشعر.المزهر في علوم اللغة وأنواعها لجلال الدين السيوطي باب النوع الحادي والأربعون معرفة آداب اللغوي.
لم يكن أبن الشريد هو الوحيد الذي يحفظ أشعار أمية لكنها كانت الأوسع انتشارا في الجزيرة كما سنرى لكن لك أن تتخيل الأفكار والتراكيب التي حوتها أبيات من الشعر يبلغ عددها المائة وأشعار بلغت قوافيها المائة. كما أن البسملة الإسلامية في الحقبة الأولى للإسلام لم يكن قد جاء بها جبريل بعد بل كانت بسملة أمية أبن أبي الصلت ؛ فهل كانت هي بسملة إبراهيمية ونسخت؟ لماذا لم يحافظ عليها محمد؟ كما أن النبي أقر وأعترف أن شعر أمية هو شعر مؤمن مسلم يتوافق تماما مع مبادئ الإسلام!!
* اخبرنا الترمذي قال: اخبرنا احمد بن منيع ... عن عمر بن الشريد عن أبيه قال: كنت ردف النبي صلعم فأنشدته مائة بيت من شعر أمية بن أبي الصلت كلما أنشدته بيتًا قال: " هيه " حتى أنشدته مائة - يعني بيتًا - فقال النبي صلعم " أن كاد ليسلم ". (*) إخراجه مسلم في صحيحه. كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها كتاب الشعر 1- (2255). المنتظم في التاريخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الجزء الثالث غزوة بني قينقاع. الإصابة لأبن حجر العسقلاني باب أمية أبن أبي الصلت.
بل أن النبي محمد صدق على خرافات أمية أبن أبي الصلت الشعرية كما سنرى. وهذا ينزع من قلب الباحث عن الحق أي شك في أن أمية أبن أبي الصلت كان المثل الأعلى لنبي الجزيرة محمد بن عبد الله.
* روى الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن محمد، هو أبو بكر ابن أبي شيبة.... عن ابن عباس: أن رسول الله صلعم صدَّق أمية يعني ابن أبي الصلت في بيتين من شعره فقال:
رجل وثور تحت رجل يمينه و النسر للأخرى وليث مرصد
فقال رسول الله صلعم (صدق). فقال:
{جاء في التفاسير أن هذه صفة حملة العرش ثمانية هم رجل وثور ونسر وأسد هذه أربعة ويؤيدهم يوم القيامة بأربعة أخرى ذلك قول القرآن وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ 17(الحاقة)}
والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء مطلع لونهـــا متورد
تأبى فلا تبدو لنا في رسلها
إلا معـــذبة وإلا تجلـــد
فقال رسول الله صلعم (صدق). (*)المسند للإمام أحمد بن حنبل باب مُسْنَدُ عَبْدِ الله بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ 2200..سنن الدارمي كِتَابِ الاسْتِئْذَانِ باب فِي الشِّعْرِ - البداية والنهاية لابن كثير باب فصل فيما ورد عن صفة خلق العرش والكرسي (1/12) وقال حديث صحيح الإسناد رجاله ثقات. وأورده البيهقي في الأسماء والصفات صفحة (360). الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي باب سورة الصافاتالآية رقم ( 1 : 5 ) ؛ الآية رقم سورة الحاقة (15 : 17). تاريخ أبن عساكر. الأغاني للإمام أبي الفرج. منتخب كنز العمال 15242-.
ويصل النقل والتقليد ذروته عندما نرى أن قصة شق صدر النبي هي نفس القصة التي كانت شائعة عند العرب ويحكى أنها حدثت لأمية أبن أبي الصلت. وطالما حادثة شق صدر النبي لم يرها أحد لكنه قصة حكاها النبي كما كانت تُحكى نفس القصة عن أمية أبن أبي الصلت قبله.
* وروى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عزا ابن عباس: أن وازعة بنت أبي الصلت الثقفي جاءته فسألها عن قصة أخيها أمية فقالت: قدم أخي من سفر فوثب على سريري فاقبل طائران فسقط أحدهما على صدره فشق ما بين صدره إلى ثنيته فانتبه فقلت: يا أخي هل تجد شيئًا قال: لا والله إلا توصيبًا.(*)المنتظم في التاريخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الجزء الثالث غزوة بني قينقاع. الأغاني للإمام أبي الفرج ترجمة أمية أبن أبي الصلت. الإصابة لأبن حجر العسقلاني باب أمية أبن أبي الصلت. طبقات فحول الشعراء لمحمد أبن سلام الجمحي.
ثم يبلغ الشوط نهايته عندما نعرف أن أمية أبن أبي الصلت كان له رائي من الجن يتحدث له في أذنه اليسرى ويأتيه بالأخبار .. ويخبرنا أبن حجر بتحفة رائعة نقلا عن شيخ من الجن أن الرائي الذي يأتي الأنبياء يأتي من الأذن اليمنى.
* كانت قريش قبل البعثة تكتب في أول كتبها باسمك اللهم والسبب في كتابتهم ذلك ما ذكره المسعودي في مروج الذهب عن جماعةٍ من أهل المعرفة... أن أمية بن أبي الصلت الثقفي خرج إلى الشام في نفر من ثقيف وقريش في عير لهم فلما قفلوا راجعين نزلوا منزلاً واجتمعوا لعشائهم إذ أقبلت حيةٌ صغيرةٌ حتى دنت منهم فحصبها بعضهم بحجر في وجهها فرجعت فشدوا سفرتهم ثم قاموا فشدوا على ابلهم وارتحلوا من منزلهم فلما برزوا من المنزل أشرفت عليهم عجوزٌ من كثيب رملٍ متوكئةٌ على عصاً فقالـت: ما منعكم أن تطعموا رحيبة اليتيمة الصغيرة التي باتت لطعامكم عليلةً قالـوا: وما أنت قالـت أم العوام أرملت منذ أعوام أما ورب العباد لتفرقن في البلاد(لاحظوا السجع) ثم ضربت بعصاها الأرض أثارت بها الرمل وقالت: أطيلي إيابهم وفرقي ركابهم! فوثبت الإبل كان على ذروة كل منها شيطاناً ما يملكون منها شيئاً حتى افترقت في الوادي فجمعوها من آخر النهار إلى غدوة فلما أناخوا الرواحل طلعت عليهم العجوز وفعلت كما فعلت أولا وعادت لمقالها الأول فخرجت الإبل كما خرجت في اليوم الأول فجمعوها من غدٍ.
فلما أناخوها ليرحلوها فعلت العجوز مثل فعلها في اليوم الأول والثاني فنفرت الإبل وأمسوا في ليلة مقمرة ويئسوا من ظهورهم فقالوا لامية بن أبي الصلت : أين ما كنت تخبرنا به عن نفسك وعلمك فقال: اذهبوا انتم في طلب الإبل ودعوني. فتوجه إلى الكئيب الذي كانت تأتي منه العجوز حتى هبط من ثنيته الأخرى ثم صعد كئيباً آخر حتى هبط منه ثم رفعت له كنيسةٌ فيها قناديل ورجلٌ معترض مضطجعٌ على بابها وإذا رجلٌ جالسٌ ابيض الرأس واللحية.
قـال أمية: فلما وقفت قـال لي: انك لمتبوع. قلت اجل. قال: فمن أين يأتيك صاحبك قلت: من أذني اليسرى. قال: فبأي الثياب يأمرك قلت: السواد. قـال: هذا خطيب الجن كدت ولم تفعل ولكن صاحب هذا الأمر يكلمه في أذنه اليمنى واحب الثياب إليه البياض. فلما جاء بك وما حاجتك؟. فحدثته حديث العجوز. فقال: هي امرأة يهودية هلك زوجها منذ أعوام وأنها لن تزال تفعل بكم ذلك حتى تهلككم أن استطاعت قال أمية: قلت فما الحيلة قال: اجمعوا ظهركم فإذا جاءتكم وفعلت ما كانت تفعل فقولوا سبعاً من فوق وسبعاً من اسفل باسمك اللهم فإنها لن تضركم.
فرجع أمية إلى أصحابه فاخبرهم بما قيل له وجاءتهم العجوز ففعلت كما كانت تفعل فقالوا سبعاً من فوق وسبعاً من اسفل باسمك اللهم فلم تضرهم. فلما رأت الإبل لا تتحرك قالت: قد علمكم صاحبكم ليبيضن الله أعلاه وليسودن أسفله. وساروا فلما أدركهم الصبح نظروا إلى أمية قد برص في غرته ورقبته وصدره واسود أسفله. فلما قدموا مكة ذكروا هذا الحديث فكتبت قريشٌ في أول كتبهـا باسمك اللهم فكان أول ما كتبها أهل مكة وجاء الإسلام والأمر على ذلك. (*) صبح الأعشى الجزء الأول الباب الرابع من المقالة الثالثة في الفواتح والخواتم واللواحق الفصل الأول في الفواتح. الأغاني للإمام أبي الفرج ترجمة أمية أبن أبي الصلت. الإصابة لأبن حجر العسقلاني باب أمية أبن أبي الصلت.
* أول من كتب في أول الكتب باسمك اللهم أمية بن أبي الصلت فكتبها قريش في كتبهم وكان النبي صلعم يكتبها في ابتداء الأمر.(*) صبح الأعشى الجزء1باب النوع السابع عشر النظر في كتب التاريخ والمعرفة بالأحوال.
* قال أبن عبد البر: الفارعة بنت أبي الصلت أخت أمية بن أبي الصلت الثقفي: قدمت على رسول الله صلعم بعد فتح الطائف وكانت ذات لب وعفاف وجمال وكان رسول الله صلعم يعجب بها وقال لها يوماً: " هل تحفظين من شعر أخيك شيئاً ". فأخبرته خبره وما رأت منه وقصت قصته في شق جوفه وإخراج قلبه ثم صرفه مكانه وهو نائم وأنشدت له الشعر الذي أوله:
باتت همومي تسري طوارقها اكف عيني والدمع سابقها
نحو ثلاثة عشر بيتاً منها قوله:
ما رغب النفس في الحياة وان تحيا قليلاً فالموت سائقها
يوشك من فر من منيته يومــاً على غرة يـوافقـها
من لم يمت غبطة يمت هرمـاً للموت كاس والمرء ذائقها.
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ185(آل
عمران)
قـد أنبئت أنهـا تعـود كمـا كـان بديا بالأمس خالقهـا
وأن مـا جمعت وأعجبهــا من عيشهـا مرة مفارقهـا
البيتين الأخيرين من (*)المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية للإمام العيني محمود باب شواهد أفعال المقاربة.
وفي الخبر لما حضرت وفاته قال عند المعاينة:
إن تعف يا ربي تعف جما وأي عبـد لك لا آلمـا
ثم قال:
كل عيش وان تطاول دهراً صـائر مـرة إلى أن يــزولا
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي في تلال الجبال أرعى الوعولا
ثم مات.
فقال رسول الله صلعم : " يا فارعة كان مثل أخيك كمثل الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ".(*)الاستيعاب في تمييز الأصحاب لأبن عبد البر الجزء الثاني باب الفاء.الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي باب سورة الأعراف الآية (175 - 177). البداية والنهاية لأبن كثير الجزء الثاني باب أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي.
* قال الإمام النويري في نهاية الأرب في فنون الأدب :
أن الفارعة أتت رسول الله صلعم فسألها عن أخوها أمية أبن أبي الصلت وقال لها النبي أنشديني من شعر أخيك فأنشدته
لك الحمد والنعماء والفضل ربنا ولا شئ أعلى منك جدا وأمجد
وهى قصيدة طويلة حتى أتت على آخرها. وأنشدته قصيدته التي يقول فيها:
يوقف الناس للحساب جميعا فشقـي معـذب وسعيـد
ثم أنشدته قصيدته التي يقول فيها:
عند ذي العرش تعرضون عليه يعلـم الجهر والسرار الخفيا
إِلا مَا شَاء الله إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى 7(الأعلى)(الأنبياء: 110)
يوم نأتي الـرحمن وهو رحيم إنه كـان وعـده مأتيــا
يوم آتيـه مثـل ما قال فـردا ثم لا أدري راشـدا أم غويا
أسعـيدا إسعـاده أنـا أرجـو أو مهانا ألقى من العذاب فريا
رب إن تعف فالمعـافاة ظنـي أو تعـاقب فلـم تعاقب بريا
(*) نهاية الأرب في فنون الأدب للإمام النويري باب خبر مدينة بلقاء وخبر بلعم بن باعورا وما يتصل بذلك.
النبي يأنس لأخت أمية بن أبي الصلت ويستمع منها لقصائد أخيها بعد موته والتي تحكي عن الله وصفاته والتوحيد وقصص الأنبياء والجنة والنار ؛ نعم هذا الكم من القصائد كان لها تأثيرها الواضح والكبير في قرآن محمد فجاء القرآن نسخ وانتحال وتقليد وتصديق لأشعار الأستاذ أمية أبن أبي الصلت في مساحة كبيرة منه كما سنرى. أما صحابة محمد فتجذر شعر أمية في داخلهم حتى أنهم عند وفاتهم لم يتمثلوا بآيات من القرآن بل تمثلوا بأشعار أمية أبن أبي الصلت مما يدل على شيوع أشعار أمية على كل لسان وعلو منزلتها حتى في قلوب وعقول المسلمين الأوائل.
* لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة قال له ابنه يا أبتاه إنك لتقول لنا ليتني كنت ألقى رجلا لبيبا عند نزول الموت حتى يصف لي ما يجد وأنت ذلك الرجل فصف لي الموت فقال يا بني والله كأن جنبي في تخت وكأني أتنفس من سم (ثقب) إبرة وكأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي ثم أنشأ يقول:
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي في تلال الجبال أرعى الوعـولا
(*) التذكرة للقرطبي باب ما جاء أن للموت سكرات.
* حدثني
محمد بن أبي بكر
...
عن عبد
الله بن عمر (رض)عنهما:
أن النبي
صلعم لقي
زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل
بلدح قبل أن ينزل على النبي
صلعم الوحي
فقدمت إلى النبي
صلعم سفرة
فأبى أن يأكل منها ثم قال
زيد إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا ما ذكر اسم
الله عليه وأن
زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول الشاة خلقها الله
وأنزل لها من السماء الماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم
الله إنكارا
لذلك وإعظاما له.
(*) صحيح البخاري باب المناقب حديث زيد بن عمر نفيل.
لقد تلقى محمد الدروس الأولى على يد الأستاذ زيد بن عمرو نفيل في الذبائح لله فكان زيد لا يأكل مما ذبح للأوثان بينما محمدا كان غارقا فيها.
* قال ابن إسحاق : وحدثني هشام بن عروة عن أبيه ، عن أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، قالت : لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل شيخا كبيرا مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول : يا معشر قريش ، والذي نفس زيد بن عمرو بيده ، ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري ، ثم يقول : اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك عبدتك به ، ولكني لا أعلمه ، ثم يسجد على راحلته.
وقال ابن إسحاق: وحدثت أن ابنه سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمر بن الخطاب ، وهو ابن عمه ، قالا لرسول الله صلعم أتستغفر لزيد بن عمرو ؟ قال : نعم ، فإنه يُبعث أمة وحده.(*) سيرة أبن هشام باب زيد بن عمرو يتوقف عن جميع الأديان. الإصابة لأبن حجر العسقلاني باب زيد بن عمرو بن نفيل العدوي.
* أما زيد بن عمرو بن نفيل العدوي قال أبن حجر العسقلاني انه كان يحيي الموءودة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل أبنته لا تقتلها فأنا أكفيك مؤنتها وكان يعيب على قريش ذبحهم لغير الله تعالى وكان النبي يستغفر له ... وقال عنه النبي يبعث يوم القيامة أمة وحده.
(*) الإصابة في تمييز الصحابة لأبن حجر العسقلاني باب زيد بن عمرو نفيل العدوي.
* قال البغدادي: كان النبي صلعم يعجبه شعرها(الخنساء) ويستنشدها ويقول هيه يا خنساء (اسمعيني أو زيديني شعرا) ويومئ بيده صلعم ولما قدم عدي بن حاتم الطائي على الرسول صلعم وحادثه فقال يا رسول الله منا أشعر الناس وأسخى الناس وأفرس الناس فقال صلعم سمهم قال أشعر الناس امرؤ القيس بن حجر وأسخى الناس فحاتم الطائي وأفرس الناس عمرو بن معديكرب فقال صلعم أما اشعر الناس فالخنساء وأسخى الناس فمحمد يعني نفسه صلعم ....{وسنستعرض لاحقا بعضا من أشعار الطائي لترى كرمه بالمقارنة مع أفعال النبي}
أما صخر أخو الخنساء عندما اقتسم ماله مع أخته وأعطاها الشطر الأفضل وكانت امرأته تعيب عليه ذلك وتقول تعطيها أفضل النصفين فقال:
والله لا أمنحها شرارها ولو هلكت قددت خمارها
ولما أصيب أخوها صخر فإذا سألوا أمه عن حاله قالت أصبح صالحا بنعمة الله.(*) خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للشيخ عبد القادر البغدادي باب الشاهد السبعون (ترجمة الخنساء).الإصابة لأبن حجر العسقلاني باب خنساء بنت عمرو بن الشريد.
* قالت الخنساء في أخيها صخر :
طويل النجاد رفيع العماد سـاد عشـيرتـه أمـرادا
إذا القـوم مدوا بـأيديهم إلـى المجـد مد إليه يـدا
فنال الـذي فـوق أيديهم من المجد ثم مضى مصعدا
فكـلّفه القـوم ما عالهـم وإن كـان أصغرهم مـولدا
ترى الحمد يهوي إلى بيته يرى أفضل الكسب أن يحمدا
(*)كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب للإمام النويري باب في المدح وفيه ثلاثة عشر فصلا.
* قالت الخنساء :
ترى الجليس يقول الحق تحسبه رشدا وهيهـات فانظـر ما به التبسا
صـدق مقالتـه وأحـذر عـداوته والبس عليه أمورا مثل ما لبسا
(*)الجامع لأحكام القرآن للقرطبي باب سورة البقرة الآية رقم (42)
* قال دريد بن الصمة بن بكر بن علقمة:خطب الخنساء بنت عمرو فلم تجبه فقال فيها:
كفاك الله يا ابنة آل عمرو من الفتيان أمثالي ونفسي
(*) تهذيب تاريخ دمشق لأبن عساكر باب دريد بن الصمة
* قال أمرؤ القيس في مغازلة إحدى النساء:
نظرت إليها والنجوم كأنهـا مصابيـح رهبـان تشب لقفـال
سموت إليها بعد أن نام أهلها سمو حباب الماء حالا على حـال
فقالت سباك الله إنك فاضحي ألست ترى السمّار والناس أحوالي
فقلت يمين الله ما أبرح قاعدا ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
حلفت لها بالله حلفة فاجــر لناموا فما أن من حديث ولا صالي
(*)المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية للإمام العيني محمود شواهد المعرب والمبني.الشعر والشعراء لأبن قتيبة باب أمرؤ القيس.
تلك هي الحالة الدينية للخنساء وأمها وأخيها ومن طلبها للزواج وجدها والتي كان النبي يحب أن يجالسها ويستمع لشعرها ويقول هيه يا خنساء زيديني شعرا زيديني ....
هو ورقة أبن نوفل بن عبد العزى بن قصي ويجتمع مع النبي في جد جده. هو أبن عم خديجة زوجة النبي الذي ترجم الإنجيل وقرأ الكتب وكأنه الوحيد الذي كان لديه إنجيل !!! أما الكتب فلا أثر لتلك الكتب حتى لدي من يتمسكون بتلك الأقوال ؛ وهو الأقرب لخديجة ومحمد ؛ فكان أول من استشاراه عقب ظهور الكائن الروحاني لمحمد ؛ وهو صاحب ختم النبوة ؛ وهو الوحيد الذي قال أن محمدا نبيا وكان شاعرا وتتردد أشعاره في أصقاع الجزيرة فهو من أهل الكتاب أهل العلم والحكمة والنبوة. وبرغم أنه يجيد لغات عدة حتى أنه ترجم الإنجيل العبراني وأشعاره كانت تتردد على ألسنة الصحابة إلا أنها اختفت وما وصل إلينا منها إلا النزر اليسير ؛ وبموت ورقة فتر الوحي وأنقطع مدة تضاربت فيها الأقوال وأقدم محمد على الانتحار بعده !!!
* كان عمر بن الخطاب كثيرا ما يتمثل بهذه الأبيات:
لا شئ مما تـرى تبقى بشاشته يبقى الإله ويودى المال والولد
لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح به والجـن والأنس فيما بينها مرد
أين الملوك التي كـانت لعزتها من كـل أوب إليها وافـد يفـد
حوض هنالك مورود بلا كذب لا بد من ورده يوماً كما وردوا
(*) التذكرة للقرطبي باب ذكر الموت وفضله والاستعداد له.
عمر بن الخطاب كلما خاف من الموت وذكر الآخرة هرع إلى أبيات القس ورقة يرددها وهي تدل على تغلغل وتجذر أشعار القس في النفوس وشيوعها في أصقاع جزيرة العرب.
الأستاذ عنترة بن شداد العبسي :
* قال الآلوسي أُنشد بين يدي رسول الله صلعم أبياتا من شعر عنترة:
بكرت تخوفني المنون كأننـي أصبحت عن غرض المنون بمعزل
فأجبتها إن المنيــــة منهل لابد أن أسقـى بكــأس المنهـل
فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي أنـي امرؤ سأمـوت إن لـم اقتل
والخيل ساهمة الوجوه كأنمـا تسقى فـــوارسها نقيع الحنظل
وإذا حملت على الكريهة لم أقل بعـد الكريهـة ليتني لـم أفعـل
ولقد أبيت على الطوى وأظلـه حتـى أنـال به كريم المأكــل
فقال النبي صلعم ما وصف لي إعرابي قط فأحببت أن أراه إلا عنترة
(*) بلوغ الأرب للآلوسي باب عنترة بن شداد العبسي جـ3 . شعراء النصرانية قبل الإسلام للأب لويس شيخو باب عنترة. الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ج 8/240.
كان النبي يستمع لأشعار عنترة وهو من أصحاب المعلقات ويحب أن ينشدوه من قصائده وكان يتمنى أن يراه من كثرة ما أنشدوه من أشعار. نعم أشعار عنترة كانت تتردد على كل المسامع في أرجاء الجزيرة وسمع منها النبي الكثير والكثير حتى أنه تمنى لو تقابل معه ورآه .
قال أبن كثير في البداية والنهاية : سويد بن الصامت بن عطية بن حوط بن حبيب بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، وأمه: ليلى بنت عمرو النجارية أخت سلمى بنت عمرو أم عبد المطلب بن هاشم. فسويد هذا ابن خالة عبد المطلب جد رسول الله صلعم.
قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ، ثم الظفري عن أشياخ من قومه ، قالوا : قدم سويد بن صامت ، أخو بني عمرو بن عوف ، مكة حاجا أو معتمرا ، وكان سويد إنما يسميه قومه فيهم : الكامل ، لجلده وشعره وشرفه ونسبه ، وهو الذي يقول :
ألا رب من تدعو صديقا ولو ترى * مقالته بالغيب ساءك ما يفري مقالتـه كالشهـد ما كـان شـاهـدا * وبالغيب مأثور على ثُغْرة النحر
يســرك باديــه وتحت أديمــه * نميمة غش تبتري عقب الظهر
تُبيـن لك العينان ما هـو كـاتم * من الغل والبغضاء بالنظر الشزر
فَرِشْني بخيـر طالما قد بريتنـي * فخير الموالي من يريش ولا يبري
يفري (يكذب ويختلق) مأثور (السيف) النحر(الذبح) تبتري (تقطع) عقب الظهر(عصب الظهر)
وله أشعار كثيرة كان يقولها .
فتصدى له رسول الله صلعم حين سمع به ، فدعاه إلى الله وإلى الإسلام ، فقال له سويد : فلعل الذي معك مثل الذي معي ؛ فقال له رسول الله صلعم : وما الذي معك ؟ قال : مجلة لقمان - يعني حكمة لقمان - فقال له رسول الله صلعم : اعرضها عليّ ، فعرضها عليه ؛ فقال له : إن هذا لكلام حسن ، والذي معي أفضل من هذا ، قرآن أنزله الله تعالى عليّ ، هو هدى ونور . فتلا عليه رسول الله صلعم القرآن ، ودعاه إلى الإسلام ، فلم يبعد منه ، وقال : إن هذا لقول حسن . ثم انصرف عنه ، فقدم المدينة على قومه ، فلم يلبث أن قتلته الخزرج ، فإن كان رجال من قومه ليقولون : إنا لنراه قد قُتل وهو مسلم .
(*) السيرة النبوية لأبن هشام باب عرضه صلعم نفسه على سويد بن صامت
سويد أبن الصامت من الأوس يسكن يثرب وبالقراءة الجغرافية للمكان هو في جوار اليهود اليثاربة وليس هناك شك في أنه كرجل لقبوه بالرجل الكامل فمن الأرجح أن يكون تعلم ودرس في مدارس اليهود وقرأ في كتبهم وظهر تأثيرها في شعره الذي قال عنه محمد هذا كلام حسن ؛ ولم لا وعمر كان له أخوة في الرضاعة من اليهود وأصاب الكثير من كتب التوراة وعندما قرأها أمام محمد تغير وجهه وتلون ؟؟
ماذا قال سويد بن صامت وماذا عرض على النبي من صحف لقمان ولماذا كانوا يعتبرونه ويلقبونه بالكامل وماذا عن أشعاره؟؟ ترى هل لم تنتشر أشعار الرجل الكامل في ربوع الجزيرة عامة وقريش خاصة حيث أنه ابن خالة عبد المطلب جد محمد لماذا قال النبي عن كلام سويد بن الصامت أنه كلام حسن ولم يقل أنه كلام كفر؟؟ لماذا طمست أشعاره وهو الذي عاش في نفس فترة النبي وكان من الممكن نقلها لنا كما نقلوا لنا عن مسيلمة الكذاب "الفيل وما الفيل ذو الخرطوم الطويل" عشرات الأسئلة بلا جواب حقا أنه الأستاذ الذي يحوز علي لقب أستاذ الظل المطموس بجدارة؟؟؟؟؟؟؟؟
لم يترك النبي القرشي البدوي دربا من الدروب إلا وسلكه في سبيل دعم نبوته وفرض سلطته وسطوته فطرق كل الأبواب وسلك كل السبل لكي يأتلف قبائل العرب حتى لو أدى ذلك الأمر إلى مدح اللاتي والعزى ومناة الثالثة الأخرى وبزل الأموال للمؤلفة قلوبهم فكان يشتريهم ويرشيهم بالأموال لكي يسلموا ويضمن ولاءهم ويضمهم إلى الأنصار والأتباع والأشياع وراح يوزع الألقاب يمنة ويسرة ويعلق النياشين والأوسمة فحمزة بن عبد المطلب صار أسد الله وجعفر أعطاه جناحان وصار جعفر الطيار وسعد بن معاذ أهتز له عرش الرحمن وأبي بكر أبن أبي قحافة أصبح الصديق عندما صدق محمد في رحلة الإسراء والمعراج رغم إجماع الأمة من المؤمنين والمشركين بكذب تلك الرحلة وعمر بن الخطاب اصبح الفاروق الذي فرق به الله بين الحق والباطل وعثمان اصبح ذي النورين والذي تستحي منه الملائكة وخالد الذي أكل رأس مالك بن نوير اصبح سيف الله المسلول وفاطمة أعطاها سيدة نساء العالمين وأبو عبيدة بن الجراح أصبح أمين الأمة وغيرها كثير ... لكن الشعراء أيضا كان لهم من الألقاب والأوسمة والنياشين حظا وافرا لكي يأتلف بها قبائلهم ...
جاء في فيض القدير شرح الجامع الصغير :
قال التبريزي: وأشعر المَرَاقِسَة(جمع مرقس) امرؤ القيس الزائد وهو أول من تكلم في نقد الشعر وقال العسكري في التصحيف أئمة الشعراء سبعة امرؤ القيس هذا ثم النابغة ثم زهير ثم الأعشى.. وأول شعر قاله امرؤ القيس إنه راهق ولم يقل شعراً فقال أبوه هذا ليس بأبني إذ لو كان كذلك لقال شعراً فقال لاثنين من جماعته خذاه واذهبا به إلى مكان كذا فاذبحاه فمضيا به حتى وصلا المحل المعين فشرعا ليذبحاه فبكى وقال:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوا بين الدخول
فحُومل فرجعا به إلى أبيه وقالا هذا أشعر من على وجه الأرض قد وقف واستوقف وبكى واستبكى ونعى الحبيب والمنزل في نصف بيت فقام إليه واعتنقه وقبله وقال أنت ابني حقاً وآخر شعر قاله امرؤ القيس إنه وصل إلى جبل عسيب وهو يجود بنفسه فنزل إلى قبر فأخبر بأنها بنت ملك فقال:
أجارتنا إن المزار قريب وإني مقيم ما أقـام عسيب
أجارتنا إنا غريبان ههنا وكل غريب للغريب نسيب
قال في الزاهر أنشد عمر هذين فأعجب بهما وقال وددت أنها عشرة وإني علي بذلك كذا وكذا.. وقد تكلم امرؤ القيس بالقرآن قبل أن ينزل. فقال:
يتمنى المرء في الصيف الشتاء حتى إذا جاء الشتاء أنكره
فهـو لا يرضى بحال واحـد قتـل الإنسان ما أكـفره
(أبو عروية في) كتاب (الأوائل) له (وابن عساكر) في تاريخه
(*)فيض القدير شرح الجامع الصغير الإمام عبد الرؤوف المناوي حرف الهمزة -- 1624
* عن أبي هريرة قال النبي صلعم : امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار، لأنه أول من أحكم قوافيها.(*) أبو عروبة في الأوائل وابن عساكر عن أبي هريرة. منتخب كنز العمال باب الشعر والمدح المذمومان 7956-
* حدثنا هشيم.. عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلعم امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار.
(*) مسند الإمام أحمد بن حنبل. الجامع الصغير من حديث البشير النذير. جلال الدين السيوطي 1624 ؛ 1625- منتخب كنز العمال باب الشعر والمدح المذمومان عن أبي هريرة. 7955-. المزهر في علوم اللغة وأنواعها جلال الدين السيوطي.
* قال النبي صلعم : ذاك الرجل مشهور في الدنيا خامل في الآخرة مذكور في الدنيا منسي في الآخرة معه لواء الشعراء يقودهم إلى النار. (*)المنتظم في التاريخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الجزء الثاني من الحوادث في زمان أنوشروان
* جاء في بلوغ الأرب للألوسي عن امرؤ القيس بن حجر الكندي قال هو أمير الشعراء بشهادة خير الأنبياء وسيد البطحاء صلعم وذلك أنه ذكر عنده يوما فقال صلعم ذلك رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة يجئ يوم القيامة وبيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار فيروى أن كلا من لبيد وحسان بن ثابت قال ليت هذه المقولة فيّ .
(*) بلوغ الأرب في أحوال العرب للألوسي باب امرؤ القيس بن حجر الكندي.
قبيلة كندة التي ينتمي لها امرؤ القيس كانت من أكبر قبائل العرب وكان دورها بارزا في الحياة الإسلامية ولقب مثل هذا كان من قبيل استمالتها فلقب أمير الشعراء وقائدهم إلى النار لقب عظيم في قلب البدوي حتى أن حسان بن ثابت فضل وتمني هذا اللقب عن النساء الكواعب والحور العين وأنهار الخمرة واللبن التي وعده بها محمد.
أمية أبن أبي الصلت الثقفي من ثقيف وهي قبيلة كبيرة منازلها في جبل الحجاز بين مكة والطائف واجتمعوا مع هوازن على محمد في حنين سنة 8 بعد فتح مكة وهزمهم وأغتنم أموالهم وكان محمد دائما يدعو الله اهد ثقيف ومن قبيل استمالتهم خلع النبي لقبا على أمية شاعرهم الذي كانوا يعتبرونه أهل علمهم فقال النبي صلعم عن أمية أبن أبى الصلت أمن شعره وكفر قلبه.
* حدثني محمد بن حاتم بن ميمون. حدثنا ابن مهدي عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير. حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلعم "اصدق كلمة قالها شاعر، كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل. وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم".
(*) صحيح مسلم كتاب الشعر
* عن أبن عباس قال النبي صلعم عن شعر أمية : آمن شعر أمية بن أبي الصلت وكفر قلبه.(*) أبو بكر الأنباري في المصاحف وابن عساكر عن ابن عباس.الإصابة في تمييز الصحابة لأبن حجر العسقلاني باب أمية بن أبي الصلت. منتخب كنز العمال باب الشعر المحمود. 7980-.أورد الحديث بلفظه ابن كثير في البداية والنهاية (1/12) وقال حديث صحيح الإسناد رجاله ثقات. أخرجه احمد في مسنده (1/256) أورده البيهقي في الأسماء والصفات صفحة ( ص 360).
نعم لقد علق محمد على صدر أمية أبن أبي الصلت أكبر وسام لشاعر جاهلي وهو أخطر تصريح أن شعر أمية هو شعر مؤمن مسلم. تري هل يقول محمد هذا عن شعر أمية وهو لم يسمعه أو سمع منه قليل ؟ بالطبع لا؛ فمن الطبيعي أن يكون محمد قد ألم بشعر أمية إلماما كاملا وسمع منه الكثير والكثير كما جاء عن أبن الشريد الذي أنشده مائة قافية والفارعة التي كان محمد يختلي بها ويستنشدها شعر أخيها أمية. قول محمد عن أمية آمن شعره كانت كافية لأن تجري أشعاره على السنة المسلمين الأوائل مم حفظ لنا الكثير من أشعاره فلم يُحرم محمد من أشعار أمية إلا تلك القصيدة التي قالها ليبكي بها قتلى المشركين في موقعة بدر والدارس لتلك القصيدة يجدها تحمل نفس البصمات التي في أشعار أمية من حيث التراكيب وقوة العبارة هذا فقط لنقطع طريق الهرب على هؤلاء الذين اعتادوا الهرب من المأزق بالقول بالمدسوس حتى لو جاءت في صحيح مسلم.
ودانت قبيلة أياد بالنصرانية وكان من أياد خطباء يضرب بهم المثل وتعلمت العرب الخط منهم وعنهم أتت أخبار كثيرة من الأمم الخالية كطسم وجديس. وكانت من القبائل الكبيرة في بلاد العرب ولقبا يطلقه محمد على قس تلك القبيلة لكي يستميلهم بها ويأتلف قلوبهم...
* قال رسول الله صلعم رحم الله قساً أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة واحدة. (*) البداية والنهاية لأبن كثير باب ذكر قس بن ساعدة الإيادي.المنتظم في التاريخ لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الجزء الثاني باب ذكر الحوادث في سنة خمس عشرة من مولده صلعم.
* عن غالب بن أبجر عن النبي صلعم قال رحم الله قسا! إنه كان على دين أبي إسماعيل بن إبراهيم.(*)منتخب كنز العمال باب قس بن ساعدة الأيادي رقم 34072- 34071-. دلائل النبوة لأبي نعيم من حديث أبو أحمد ... عن أبن عباس.
* عن عائشة عن النبي صلعم قال لا تسبوا ورقة بن نوفل، فإني قد رأيت له جنة أو جنتين.
(*)أخرجه الحاكم في المستدرك عن عائشة. منتخب كنز العمال باب ورقة بن نوفل رقم 34076-
* عن عائشة أن خديجة سألت رسول الله صلعم عن ورقة بن نوفل فقال قد رأيته في المنام فرأيت عليه ثياب بياض فأحسبه لو كان من أهل النار لم يكن عليه ثياب بياض. (*) مسند أحمد بن حنبل حديث السيدة عائشة رضي الله عنها – منتخب كنز العمال رقم. 34081-
* عن جابر عن النبي صلعم قال لقد رأيته - يعني ورقة بن نوفل - على نهر في بطنان الجنة عليه حلة من سندس ورأيت خديجة على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
(*) عن ابن عساكر - عن جابر). منتخب كنز العمال رقم 34082-
وقال ابن إسحاق: وحدثت أن ابنه سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمر بن الخطاب ، وهو ابن عمه ، قالا لرسول الله صلعم أتستغفر لزيد بن عمرو ؟ قال : نعم ، فإنه يُبعث أمة وحده.(*) سيرة أبن هشام باب زيد بن عمرو يتوقف عن جميع الأديان. الإصابة لأبن حجر العسقلاني باب زيد بن عمرو بن نفيل العدوي. أورده ابن عساكر - عن أسامة بن زيد بن حارثة عن أبيه منتخب كنز العمال رقم 34077-
* حدثنا يزيد .. سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن أبيه عن جده قال
كان رسول صلعم بمكة هو وزيد بن حارثة فمر بهما زيد بن عمرو بن نفيل فدعواه إلى سفرة لهما فقال يا ابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النصب قال فما رئي النبي صلعم بعد ذلك أكل شيئا مما ذبح على النصب قال قلت يا رسول الله إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له قال نعم فأستغفر له فإنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة.
(*) مسند الإمام أحمد بن حنبل باب مسند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.
* عن السعيد بن المسيب قال النبي صلعم: زيد بن عمرو بن نفيل غفر الله عز وجل لزيد بن عمرو ورحمه! فإنه مات على دين إبراهيم. قال فكان المسلمون بعد ذلك اليوم لا يذكره ذاكر منهم إلا ترحم عليه واستغفر له:
(*) أورده أبن سعد في الطبقات الكبرى باب ذكر استخلاف عمر رحمه الله(ص3/381)منتخب كنز العمال باب زيد بن عمرو بن نفيل. 34073-
* عن جابر عن النبي صلعم قال يحشر زيد بن عمرو بن نفيل أمة واحدة بيني وبين عيسى ابن مريم. (*) أورده ابن عساكر - عن الشعبي عن جابرمنتخب كنز العمال رقم 34079- 34078-
هذا اللقب لرجل قبل محمد كان شاعرا وهو الذي أعطي محمد درسا في الذبائح التي لله ويعلمه أن يهجر ذبائح الأوثان التي كان غارقا فيها؟ هل هذا اللقب أعطاه مجاملة لأبنه سعيد الذي بشره محمد بالجنة؟ هل هو مجاملة لعمر ساعده الأيمن؟
تلك بعض من اللمحات السريعة عن بعض الأساتذة الذين تتلمذ النبي على أشعارهم وخطبهم ونهل من بلاغتهم وفصاحتهم وتأثر بقصصهم وردد أشعارهم على لسانه وترددت أشعارهم على مسامعه وعلق على صدورهم الأوسمة والنياشين التي ساهمت في حفظ الكثير من أشعارهم. ناهيك عن أن العرب كانوا ينشدون الشعر بالفطرة فكانوا يقولون في كل واقعة وحدث يومي شعرا فأشعار وخطب عبد المطلب كانت تتردد على مسامع النبي يوميا والتندر بالأشعار وقصائد مشاهير الشعراء كان دائم الجريان على لسانهم وفي مجالسهم فكان هو العلم والحكمة والنبوة بالنسبة للعرب بل كانوا يحفظون أبياتا من الشعر وتجري على ألسنة الجميع كأمثال وعبرّ ولا تزل إلى الآن تتداول بينهم .....وكانت عائشة واحدة ممن يحفظون الشعر ويتمثلون به في الوقائع والأحداث ..
* أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال ربما روت عائشة القصيدة ستين بيتا والمائة بيت(*)الطبقات الكبرى لأبن سعد باب ذكر أزواج رسول الله صلعم عائشة بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة.
* كان النبي صلعم يقول عن طرفة بن العبد صاحب إحدى المعلقات الذي كثيرا ما كان يستشهد ببعض من شعره كقوله:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار منن لم تزود
فتقول عائشة عن النبي أنه كان يقول في هذا البيت: "هذا كلام من كلام النبوة" (*) العقد الفريد لأبو عمر أحمد بن محمد بن حبيب ابن عبد ربه الجزء الأول باب أمثال مستعملة في الشعر والجزء الثاني كتاب الزمردة الثانية في فضائل الشعر.
أما لبيد فكانت أشعاره الرائعة لم يغني القرآن عائشة عن ترديدها عندما تريد التعزية فترددها.
وعن مسروق بن الأجدع قال سمعت عائشة تقول .... ولله در لبيد حيث يقول شعراً.
ذهب الذين يعاش في أكتافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب
لا ينفعون ولا يرجى خيرهم ويعاب قائلهم وان لـم يشغب
(*) الاستيعاب في تمييز الأصحاب الجزء الأول باب حجر
* قال معن بن أوس:
فيا عجبا لمن ربيت طفلا ألّقمه بأطـراف البنان
أعلمه الرماية كـل يوم فلما أشتد ساعده رماني
كم علمته نظـم القوافي فلما قـال قافية هجاني
أعلمه الفتوة كـل يوم فلما طر شاربـه جفاني
(*)المقاصد النحوية للإمام العيني محمود باب في شرح شواهد الكلام. مجمع الأمثال للميداني الباب الثالث والعشرون فيما أوله لام.
هذا مثلا يضرب لمن يسئ إليك بعد أن أحسنت إليه فكانت الكثير من أشعارهم تجري على ألسنتهم كالأمثال ...
وللاقتراب من القرآن ومقارنته بالشعر الجاهلي لنا أن نعرف أن الكثير من السور كانت في قالب شعري:
سورة النجم :
و الــنجم إذا هـــــوى ما ضل صاحبكم و لا غوى
و مـا ينطـق عن الهــوى إن هو إلا وحـي يوحــي
عـلمـه شــديد الـــقوى ذو مــرة فـاســـتوى
و هــو بالأفـــق الأعلى ثـم دنـــا فــــتدلى
فكان قـــاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده مـا أوحـى
ما كذب الفــــؤاد ما رأى أفتمــارون على مـا يرى
و لـقد رآه نزلة أخــــرى عـند سـدرة المـــنتهى
عـندها جـنـــة المـأوى إذ يغشى السـدرة مـا يغشى
مــا زاغ البصر و ما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى
سورة
الإخلاص :
قل هو الله أحــد اللــه الصمـــد
لم يلد ولم يولــد ولم يكن له كفوا أحد
سورة المسد :
تبت يدا أبى لهب وتب ما أغنى عنـه ما له وما كسب
سيصلى نار ذات لهب وامــرأته حمــالة الحطب
سورة البروج :
والسماء ذات البروج واليـوم المـوعـود
وشاهـد ومشهـود قتل أصحاب الأخدود
النار ذات الوقـود إذ هـم عليها قعـود
وهم على ما يفعلون بالمـؤمنين شهـود
إن بطش ربك لشديد إنه هـو يبدئ ويعيد
وهو الغفور الودود ذو العـرش المجيـد
فعـال لمـا يـريد هل أتاك حديث الجنود
فـرعـون وثمـود بل هـو قـرآن مجيد
وسورة القمر .... وقس على ذلك الكثير من الآيات والسور المكية.
والآن سنستعرض أشعار عرب الجاهلية وإيمانهم بالله وكيف وصفوه ومدى معرفتهم بقصص الأنبياء السابقين ومدى معرفتهم بمعجزات الأنبياء وفكرتهم عن الخلق والخالق والبعث والنشور والحساب والجنة والنار وأفكارهم عن القصص التراثية والتي هي إلى الأساطير والخرافات والترهات أقرب وسأستعرض معها أو في مقابلها آيات القرآن حتى نرى إلى أي مدى تأثر القرآن بأشعار الجاهلية وأتفق معها تماما مع شعرائها في أغلب معتقداتهم ويصل الاتفاق أحيانا كثيرة إلى حد التطابق لا في الأفكار بل وفي الألفاظ والتراكيب أيضا حتى أننا نرى أن القرآن في كثير من الأحيان جاء نسخ وتقليد وانتحال أو سرقة أدبية لأشعار الجاهلية تلك السرقة أو التقليد الذي كان شائعا عند العرب فالكثير من الأبيات الشعرية تجدها تذكر لأكثر من شاعر وربما يفتتح شاعر قصيدته بأبيات يستعيرها أو يسرقها من شاعر آخر...
نعم كان القرآن المرآة التي عكست لنا أشعار الجاهلية.
التوحــيد في الجاهلية والإسلام
الجاهلية ظلام في ظلام عبادة أصنام شرك وآثام ذل وهوان أما الإسلام فهو نور في نور أو نور على نور؛ الإسلام أعز الله به العرب بعد أن كانوا أذلة ؛ نور أضاء العقول فنقل العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد أو من عبادة المخلوق إلى عبادة الخالق الإسلام جاء للعالمين وللعرب بعبادة الله الواحد الأحد الذي لم يكن يعرفه أحد !!! ...
لغو وهراء كذب وافتراء لا صدق فيه والمدهش ذلك الجهل والجبن ؛ فالجهل لأن هذا الكلام مخالف للقرآن أما الجبن فللصمت المريب المخزي المطبق على شفاه الجميع وأقلامهم فلا أحد يسد أفواه هؤلاء الكذبة والمنافقين وتجار الكلمات وهواة الرقص في الموالد وكتابة القصائد في مدح الخليفة وانتهاز أي فرصة للمكاسب الرخيصة حتى ولو على حساب الحقيقة .... محمد أبن عبد الله ؛ من الذي أطلق عليه هذا الاسم؟ أليس هم عباد الأصنام؟ عبيد الله أبن جحش أبن عمة محمد من الذي أطلق عليه الاسم؟ عبد الله بن جدعان وعبيد الله بن الأبرص وغيره وغيره من الذي أطلق عليهم تلك الأسماء في الجاهلية؟ ؛ أليس هم عباد الأصنام؟ القرآن نفسه يكذب أقوالكم فالعرب كانوا يعرفون إله محمد بنفس صفاته التي جاء به القرآن واعترف القرآن بذلك وفاضت به أشعارهم ونقلها القرآن عنهم بنفس الألفاظ والتراكيب والمعاني ....
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ الله فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ61 (العنكبوت) (لقمان25) (الزمر38)
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ الله قُلِ الْحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ 63(العنكبوت)
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ 9 (الزخرف)
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ 87(الزخرف)
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ الله فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ 31(يونس)
قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ 86 سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ 87 قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ 88 سَيَقُولُونَ لله قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ 89 (المؤمنون)
هنا بنص القرآن فالعرب في الجاهلية لم يكونوا كما تصورونهم من الشرك والجهل بل أن القرآن في خطابه لهم وحواره معهم يعترف أنهم كانوا يقولون كما قال القرآن بأن الله خالقهم وخالق السموات والأرض وهو الذي يحي ويميت وهو السميع البصير الرزاق وهو الذي يدبر الأمر وهو الذي سخر الشمس والقمر وهو الذي ينزل المطر فيحيي به الأرض فالله هو الخالق ورب العرش العظيم وبيده ملكوت كل شئ وهو العزيز العليم!!
أما ما فاضت به قريحتهم فإليكم ما جاءت به أشعار الجاهلية.
الله الواحد وصفاته في الجاهلية :
* قال أبو الحسين: اخبرني جماعة منهم: أبو عبد الله محمد بن موسى الفراء وجعفر بن موسى النحوي وغيرهما عمن حدثهما عن أبي عبيدة معمر بن المثنى والأصمعي وغيرهما قالوا: أن أمية بن أبي الصلت قال هذه القصيدة في أول المبعث يذكر فيها دين الإسلام ونبوة نبينا محمد صلعم وهي:
لك الحمد والنعماء والملك ربنا ولا شيء أعلى منك جدًا وامجد
وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا 3(الجن)
مليك على عرش السماء مهيمن لعزته تضوي الوجـوه وتسجـد
رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ 15(غافر: 15)(الزخرف: 82)
عليه حجاب النور والنور حوله وانهـار نور فوقـه تتوقــد
فلا بصر يسمــو إليه بطرفه ودون حجاب النور خلق مؤيد
لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ 103(الأنعام)
ملائكة أقدامــهم تحت أرضه وأعناقهم فوق السماوات تسجد
فمن حامـل إحدى قوائم عرشه بكفيه لــولا الله كلوا وبلـدا
وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ 17(الحاقة)
(*) المنتظم في التاريخ لأبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الجزء الثالث باب غزوة بني قينقاع.
في هذه الأبيات يوضح أمية بن أبي الصلت أن الله في الجاهلية هو العال أو المتعال وله عرش ويحمل هذا العرش ملائكة وهو نور لا تدركه الأبصار وهى لا تختلف عن ما جاء به القرآن ...
* قال أمية بن أبي الصلت:
الحمد لله ممسانا ومصبحنا بالخيـر صبحنا ربي ومسـانا
رب الحنيفة لم تنفد خزائنها مملوءة طبق الآفـاق اشطانـا
ألا نبي لنا منا فيخبرنــا ما بعد غايتنا من رأس مجرانـا
بينا يُرببنا آباؤنا هلكــوا وبينمـا نقتنـي الأولاد أبلانـا
وقد علمنا لو أن العلم ينفعنا أن سوف تلحق أخرانا بأولانـا
يارب لا تجعلني كافرا أبدا وأجعل سريرة قلبي الدهر إيمانا
واخلط به بنيتي واخلط به بشرى واللحم والـدم ما عمرت إنسانا
(*) خزانة الأدب للبغدادي باب الشاهد السادس والثلاثون ترجمة أمية أبن ألي الصلت.
وفي هذه الأبيات يؤكد أبن أبي الصلت ويطلب من الله أن يباعد بينه وبين الكفر أبدا ويطلب من الله أن يخلط الإيمان بلحمه ودمه ...
* وقال زيد بن عمرو بن نفيل:
أربا واحـدا أم ألـف رب أدين إذا تُقسمت الأمـور
عزلت اللات والعزى جميعا كذلك يفعـل الجلد الصبور
فـلا العزى أدين ولا ابنتيها ولا صنمَيْ بن عمرو ازور
ولا هبـلا أدين وكـان ربا لنا في الدهر إذ حلمي يسير
عجبت وفي الليالـي مُعجبات وفي الأيـام يعرفها البصير
بـان الله قـد أفنى رجـالا كثيرا كـان شانهم الفجـور
وأبقـى آخـرين ببر قـوم فيربِل منهم الطفـل الصغير
ولكن
اعبـد الـرحمن ربي ليغفر ذنبي الـرب
الغفـور
(*)السيرة النبوية لأبن هشام باب شعر زيد في فراق دين قومه.
قُلِ ادْعُواْ الله أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً 110(الإسراء)
وهنا يؤكد زيد بن عمرو نفيل أنه يؤمن برب واحد ولا يعبد الأصنام ولا مقارنه بين عمرو في أبياته تلك وبين ما فعله محمد عندما سجد للأصنام. كما يقول أن الله يفني الفجار وهو الرحمان الذي يسأله أن يغفر له ذنوبه.
* وقال زيد بن عمرو بن نفيل أيضا - قال ابن هشام : هي لامية بن أبي الصلت في قصيدة له ، إلا البيتين الأولين والبيت الخامس وآخرها بيتا . وعجز البيت الأول عن غير ابن إسحاق - :
إلى الله اهـدي مدحتي وثنائيـا وقولا رصينا لا يني الدهر باقيا
إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه اله ولا رب يكـون مدانيا
فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ 116(المؤمنون)
إلا أيها الإنسان إيـاك والـردى فانك لا تخفي من الله خافيا
وإياك لا تجعـل مـع الله غيره فان سبيل الرشد اصبح باديا
لاَّ تَجْعَل مَعَ الله إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً 22(الإسراء)
حنانيك أن الجن كانت رجاءهم وأنت الهي ربنـا ورجـائيا
رضيت بـك اللهم ربَّا فلن أرى أدين إلهـا غيـرك الله ثانيا
أدين لـرب يُستجاب و لا أرى أدين لمن لـم يسمع الدهر داعيا
وإني ولـو سبحت باسمـك ربنا لاكثر إلا ما غفرت خطائيا
فـرب العباد القِ سيبا ورحمـة عليّ وبارك فـي بَنيَّ وماليا
(*) السيرة
النبوية لأبن هشام باب شعر زيد في فراق دين قومه.
وهنا يؤكد
زيد بن عمرو نفيل أن الله هو الملك الأعلى ويقول لا تجعل مع الله إله آخر فتضل
الطريق وأن الجن لهم رجاء عند الله وهو المجيب للداعي وهو الرحيم ....
* قال ورقة بن نوفل بن أسد يبكي زيد ابن عمرو نفيل :
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما تجنبت تنـورا من النار حاميا
دينـك ربـا ليـس رب كمثلـه وتركك أوثان الطواغي كما هيا
.... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ 11(الشورى)
وإدراكـك الدين الـذي قد طلبته ولم تـك عن توحيد ربك ساهيا
فأصبحت في دار كريـم مقامهـا تُعـلَّل فيهـا بالكرامـة لاهيـا
تلاقي خليل الله فيهـا ولـم تكن من الناس جبارا إلي النار هاويا
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً 125(النساء)
وقد تدرك الإنسان رحمة ربه ولو كان تحت الأرض سبعين واديا
(*)بلوغ الأرب في أحوال العرب للألوسي باب زيد بن عمرو بن نفيل. السيرة النبوية لأبن هشام باب رثاء ورقة لزيد.
وهنا يؤكد الأستاذ ورقة تلك المعاني السابقة بأن الله ليس كمثله شئ ويشيد بزيد لتركه الأوثان ويصف بأنه تجنب النار والهاوية وسينعم في دار كريم يلاقي فيها خليل الله ....
* قال عبد الطابخة بن ثعلب بن وبرة بن قضاعة قال:
أدعـوك يارب بما أنت أهله دعـاء غـريق قـد تشبث بالعصم
لأنك أهل الحمـد والخير كله وذو الطول لم تعجل بسخط ولم تلم
غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ..3(غافر)
وأنت الذي لم يحيه الدهر ثانيا ولـم ير عبد منك في صالح وجـم
وأنت القديم الأول الماجد الذي تبدأ خـلق الناس فـي أكتم العـدم
وأنت الذي أحللتني غيب ظلمة إلى ظلمـة في صلب آدم في ظـلم
خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ... فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ 6(الزمر)
(*) بلوغ الأرب في أحوال العرب للألوسي باب عبد الطابخة بن ثعلب بن وبرة بن قضاعة.
وهنا يضيف عبد الطابخة القضاعي أن الله هو القديم أي الأزلي وهو الماجد وهو الذي خلقه في ظلمات بعد ظلمات في صلب آدم
* قال لبيد بن ربيعة:
وكل امرئ يوما سيعلم سعيه إذا كشفت عند الإله المحاصل
ألا كل شئ ما خلا الله باطل وكـل نعيـم لا محالـة زائل
وقال النبي عن البيت الأخير أنها أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد وكان من المؤلفة قلوبهم ولم يقل شعرا في الإسلام كما قال أبن عبد البر في الاستيعاب.
(*) الإصابة لأبن حجر العسقلاني باب لبيد بن ربيعة .
أما هذا البيت فلا تعليق عليه إلا أن النبي كان يستشهد به وينشده ويمدح من قاله ....
* قال لبيد:
إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن الله ريثي وعجل
* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي(الأنفال :1)
* قال عبيد بن الأبرص :
من يسأل الناس يحرموه وسائـل اللـه لا يخـيب
وكـل ذي غيبة يـؤوب وغائب المـوت لا يـؤوب
بالله يـدرك كـل خيـر والقـول في بعضـه تلغيب
واللـه ليس له شريـك عـلام مـا أخفت القلـوب
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ 163(الأنعام)
أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ الله يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ الله عَلاَّمُ الْغُيُوبِ 78(التوبة)
(*) بلوغ الأرب للآلوسي باب عبيد بن الأبرص.شعراء النصرانية للأب لويس شيخو باب عبيد بن الأبرص.
عبيد أبن الأبرص توافق في وجوه عدة مع محمد فكان صديقا للجن وتروي عنه قصص مع الجن لا تقل عم تحكي عن محمد كما كان له أيضا شيطان أو رائي من الجن يأتيه بالأشعار وكان الرائي لا يسمى جبريل بل يسمى هبيد وكان عرب الجاهلية يقولونها مثلا لولا هبيد ما كان عبيد وكان له من الكرامات والخوارق الكثير التي تحكيه عنه عرب الجاهلية وكانت أشعاره تتردد في أرجاء جزيرة العرب المولعون بالأشعار فهو الحكمة وهو كلام النبوة ...
* قال عبيد بن الأبرص:
وأوحى إلى الله أن قد تأمروا بابن أبي أوفى فقمت على رجل
(*) تفسير البحر المحيط لأبي حيان(سورة الشورى).
ويستمر مسلسل التوحيد لدى شعراء الجاهلية بأن الله ليس له شريك وعنده كل خير وسائله لا يخيب وهو علام الغيوب وهو الذي يوحي للإنسان وأبن الأبرص من فحول شعراء الجاهلية قبل محمد ؛ فترى هل لم يكن مسلما خاصة أن من كان له هذا الإيمان قبل محمد كان يدعى مسلما كما سيأتي في شعر تبع وغيره قبل محمد؟ لو كان نعم فشرط النطق بالشهادتين باطل وتكفي الشهادة بالله الواحد لا شريك له ؛ وإن كان لا فالإيمان بالله الواحد لا قيمة له دون الشهادة بنبوة محمد.
* قال عبيد الله بن الأبرص الأسدي :
هو من المعمرين عاش أكثر من مائتي عام ونلاحظ أسمه عبيد الله أي إله؟
مائتي زمان كامـل وبضعـة عشرين عشت معمرا محمودا
وطلبت ذا القرنين حتى فاتني ركضا وكدت بأن أرى داودا
ما تبتغي من بعد هـذا عيشة إلا الخلـود ولن تنال خـلودا
وليفنين هذا وذاك كــلاهما إلا الإله ووجهـه المـعبودا
(*) خزانة الأدب للشيخ البغدادي باب الشاهد السادس عشر بعد المائة. بلوغ الأرب في أحوال العرب للألوسي باب عبيد الله بن الأبرص الأسدي.
* قال أمية أبن أبي الصلت:
سمع الله لأبن آدم نوح ربنا ذو الجلال والأفضال
(*) كتاب الحيوان للجاحظ باب شعر أمية في الديك والغراب والحمامة.
* قال أمية بن أبي الصلت:
لم تُخلَق السماءُ والنجوم والشمسُ معها قمر يقوم
والحشر والجنة والحميم قـدّرهَا المهيمن القيوم
إلاّ لأمرٍ شأنه عظيم
(*) تفسير النكت والعيون للماوردي (البقرة: 255)
الله لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ 2(آل عمران) (البقرة:255)
هُوَ الله الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ 23(الحشر)
* قال عدي بن زيد :
ليس شئ على المنون بباق غير وجه المسبح(؟؟) الخلاق
(*) شعراء النصرانية للأب لويس شيخو باب عدي بن زيد.
كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ 26 وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ 27(الرحمن)
* قال أمية ابن أبي الصلت:
ألا كـل شئ هالك غيـر ربنا ولله ميـراث الذي كـان فانيا
وَلله مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ 180(آل عمران) (الحديد: 10)
وليّ لـه من دون كـل ولاية إذا شاء لم يمسـوا جميعا مواليا
وإن يـك شئ خالدا ومعمـرا تأمـل تجـد من فـوقه الله باقيا
له ما رأت عين البصير وفوقه سماء الإلـه فوق سبـع سمائيا
قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ 86 (المؤمنون: 86) (البقرة: 29) (الإسراء: 44) (فصلت: 12) (الطلاق: 12) (الملك: 3) (نوح: 15)
(*) خزانة الأدب للبغدادي باب الشاهد السادس والثلاثون ترجمة أمية أبن ألي الصلت.
* قال بشير بن الحجير الأيادي:
ونَحْنُ أيـاد عبـادُ الإله وَرَهْط مُنَاجِيه في سُلـَّمِ
وَنَحْنُ
وُلاةُ حِجَابِ العَتِيق زَمَانَ النُّخَاعَ على جُرْهُم
(*) مجمع الأمثال الباب الثاني والعشرون فيما أوله كاف
* قال أمية بن أبي الصلت:
يا نفس مالك دون الله من واق وما على حدثان الدهر من باق
(*) تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي (البقرة 107)
وهنا يضيف لنا أمية أن كل شئ فان وأن ليس للإنسان من حافظ إلا الله.
* قال أمية أبن أبي الصلت:
وبين طباق الأرض تحت بطونها ملائكــة بالأمر فيها تــردد
فسبحان من لا يقدر الخلق قـدره ومن هو فوق العرش فرد موحد
مَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ 74(الحج)
ومن لم ينازعه الخــلائق ملكه وان لـم يفـرده العبـاد يفـرد
مليك السموات الشـداد وأرضها وليس بشيء عن هـواد تـاود
وسبحان ربي خالق النور لم يلد ولـم يك مـولودًا بذلك اشهـد
وسبحانه من كـل إفك وبـاطل ولا والد ذو العرش أم كيف يولد
قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ 1 الله الصَّمَدُ 2 لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ 3 وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ 4 (الإخلاص)
هو الله باري الخلق والخلق كلهم إماء له طوعـًا جميعـًا واعبد
ويفني ولا يبقى سوى القاهر الذي يميت ويحمي دائبـا ليس يمهد
(*) المنتظم في التاريخأبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الجزء الثالث باب غزوة بني قينقاع
* ومن شعر ورقة بن نوفل فيما أورده أبو القاسم السهيلي في (روضه) لقـد نصحت لاقـوام وقلت لهـم أنا النذير فـلا يغرركم أحد
لا تعبـدن إلهـا غيـر خـالقكم فان دعوكم فقولوا بيننا حداد
سبحان ذي العرش لا شئ يعادلـه رب البرية فرد واحد صمد
سبحانـه ثم سبحانـا نعوذ بــه وقبلنا سبح الجودي والجمد
مسخر كـل مـا تحت السماء له لا ينبغي أن يناوي ملكه أحد
لا شيء مما نرى تبقى بشاشتـه
يبقى الإله ويودي المال
والولد
حوض هنالك مـورود بلا كذب لا بد من ورده يوماً كما وردوا (*) خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للشيخ البغدادي باب الشاهد الرابع والثلاثون بعد المائتين. البداية والنهاية لأبن كثير الجزء الثاني باب فصل ذكر خديجة لورقة بن نوفل عن النبي عليه الصلاة والسلام.
لقد أنفرد ورقة بن نوفل بذكر الحوض الذي لم يرد له أي ذكر في كتب الله بل ورد فقط في أشعار ورقة وعقيدة محمد.
* قال حاتم الطائي:
يعيبـوا كـريما بالجنـون وما به جنـون ولكـن كيـد أمـر يحاوله
فأوقدت ناري حين أبرزت ضوئها وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله
فمـا رآنـي كـبر الله وحــده وبشـر جـوفا كـان جما بـلابله
فقمت إلـى برك الهجـان أعدها أوفيه حقـا نـازلا أنـا فــاعله
(*) تهذيب تاريخ دمشق الكبير للحافظ أبن عساكر باب حاتم الطائي الجواد المشهور.
وها هو حاتم الطائي المشهور شعره في كل بقاع الجزيرة يصف لنا ما فعله من إكرام الضيف وكيف أن ضيفه الذي كان جوفه يصدر صوتا مثل البلابل وعندما رأى الطائي كبر الله وحده أي قال الله أكبر قبل محمد.
* قال حاتم الطائي:
أما والــذي لا يعلم السـر غيره ويحي العظام البيض وهي رميم
لقد كنت أطوي البطن والزاد يشتهى مخافــة يوما أن يقــال لئيم
(*) بلوغ الأرب للآلوسي باب من أشتهر بالجود والسخاء وضرب بهم المثل في الكرم من عرب الجاهلية.
* كان زهير أبن أبي سلمى يمر بالعضاه(شجرة) وقد أورقت بعد يبس فيقول : لولا أن تسبني العرب لآمنت أن الذي أحياك بعد يبس سيحي العظام وهى رميم. (*) بلوغ الأرب للآلوسي باب زهير ابن أبي سلمى.
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ 78 قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ 79 (يس)
* قال أمية بن أبي الصلت :
من يطمس الله عينيه فليس له نور يبين به شمسا ولا قمرا.
(*)الدر المنثور في التفسير بالمأثور باب سورة النساء الآية 47 قول
* قال أمية بن أبي الصلت :
ولـه الدين واصبا ولـه الملك وحمد له على كل حال
وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ الله تَتَّقُونَ52 (النحل) (*) الدر المنثور في التفسير بالمأثورللسيوطي سورة النحل.
* قولُ زُهَيْرٍ:
جَزَى اللهُ بِالإْحْسَانِ مَا فَعَلاَ بِكُمْ فَأَبْلاَهُمَا خَيْرَ الْبَلاءِ الَّذِي يَبْلُو
(*) تفسير النكت والعيون للماوردي (البقرة: 49-50)
* قال النابغة الذبياني:
حلفت فلـم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مطلب
لئن كنت قد بلغت عنى جناية لمبلغك الـواشي أغش وأكذب
ألـم تر أن الله أعطاك سورة ترى كـل ملك دونها يتذبذب
(*) خزانة الأدب للبغدادي باب الشاهد الثامن والسبعون بعد السبعمائة. بلوغ الأرب للآلوسي باب النابغة الذبياني.
وهنا يضيف لنا النابغة أن الملك بيد الله وهو الذي يعطيه دون غيره.
* قال النابغة الذبياني :
تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمرك في المقال بديع
لو كنت تصدق حبه لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
(*) شعراء النصرانية قبل الإسلام للأب لويس شيخو باب النابغة الذبياني.
ويستمر النابغة الذبياني في شرح العلاقة بين الإنسان والله ويصفها بعلاقة محبة لا علاقة عبودية !!
* قال أمية بن الصلت:
وعنا له وجهي وخلقي كله في الساجدين لوجهه مشكورا
(*) تفسير النكت والعيون للماوردي (طه)
ويضيف لنا أمية أن السجود لله واجب.
* قال أمية:
سلامك ربنا في كل فجر بريئا ما يعيبك الذموم
(*) تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي (هود: 69)
* قال الجاحظ : قتل بعض الملوك سنمار الرومي بعد أن بنى له الخورنق (بناء عالي) خوفا من أن يبني مثله لآخر فقال شراحيل الكلبي :
جزانـي جـزاه الله شـر جزائه جزاء سنمار وما كـان ذا ذنب
سـوى رصه البنيان سبعين حجة يعلّى عليه بالقرميــد والسكب
فقال أقذفوا بالعلج من رأس شاهق فذاك لعمر الله من أعظم الخطب
(*) الحيوان للجاحظ باب حديث سنمار وحاشيته دار إحياء التراث العربي تحقيق عبد السلام محمد هارون.
* قال ذي الإصبع العدواني :
فأن عرفتم سبيـل الرشد فانطلقوا وأن جهلتم سبيل الرشـد فأتوني
ماذا عليّ وأن كنتـم ذوي كـرم أن لا أحبكـم إن لــم تحبوني
لو تشربون دمي لم يرو شاربكـم ولا دماؤكــم جميعا تروّينـي
اللـه يعلمنـي واللـه يعلمكــم واللـه يجزيكم عنـي ويجزيني
قد كنت أوتيكم نصحي وأمنحكـم ودي على منبت في الصدر مكنون
فان ترد عرض الدنيا بمنقصتـي فـان ذلـك مما ليس يشجينـي
ولا يرى في غير الصبر منقصة ومـا سـواه فان اللـه يكفينـي
لولا أياصر قربى لسـت تحفظها ورهبـة الله فيمـن لا يعادينـي
أن الذي يقبض الدنيا ويبسطهـا أن كان أغناك عني سوف يغنيني
مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَالله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 245(البقرة)
(*) خزانة الأدب للبغدادي باب الشاهد الثالث والعشرون بعد الخمسمائة.
وهنا شعر ذو الإصبع العدواني يفيض بصفات الله الذي يجزي الإنسان ويعلم داخله وهو المغني وأن الله يكفيه وهو الذي يقبض الأرض ويبسطها ونرى ترفعه عن القتل وسفك الدماء ويصبر على من يسبه ويعيبه ...
* قال أمية أبن أبي الصلت:
فاسمع لسان الله كيف شكوله عجب وينبيك الذي تستشهد
والوحش والأنعام كيف لغاتها والعــلم بينهـم ويبـدد
(*) كتاب الحيوان للجاحظ باب نطق الطير.
* قال حجر بن خالد يمدح النعمان بن المنذر:
سمعت بفعل الفاعلين فلم أجد كمثل أبي قابوس حزما ونائلا
فساق إلهي الغيث من كل بلدة إليك فأضحى حول بيتك نازلا
(*) بلوغ الأرب في أحوال العرب باب العرب اقرب للسخاء من غيرهم.
* قال أوس بن حجر:
ألم تر أن الله انزل مزنه وغفر الظباء في الكناس تقمع
(*) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي باب سورة التكوير الآية رقم (15 : 22). تفسير النكت والعيون للماوردي (التكوير)
وهنا نرى أن الله هو منزل المطر.
* قال لبيد بن ربيعة في تثبيت القدر :
إن تقـوى ربنا خير نفل وبـإذن الله ريثي وعجل
أحمـد الله فـلا نـد لـه بيديه الخـير ما شاء فعل
من هداه سبل الخير اهتدى
ناعم البال ومن شاء
أضل
أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء ... 8(فاطر)
(*) الجامع لأحكام القرآن سورة الصافات الآية رقم ( 161 : 163 )
يضيف لنا لبيد بن ربيعة صفة جديدة وهى أن الله هو الذي يهدي ويضل من يشاء.
* قال لبيد:
أَرَى النَّاسَ لاَ يَدْرُونَ مَا قَدْرُ أَمْرِهِم أَلاَ كُلُّ ذِي لُبٍّ إلَى الله وَاسِل واسل (الوسيلة)
(*) تفسير الكشاف للزمخشري (المائدة: 35)
* قال زهير:
حزماً وبراً للإله وشيمة تعفو على خلق المسيء المفسد
(*) تفسير روح المعاني للألوسي(البقرة: 237)
* قوله عز وجل: "طه" فيه سبعة أقاويل: أحدها: أنه بالسريانية يا رجل؛ قاله ابن عباس ومجاهد. وحكى الطبري: أنه بالنبطية يا رجل؛ وقاله ابن جبير والسدي كذلك. وقال الكلبي: هو لغة عكل وقال قطرب: هو بلغة طيىء وأنشد ليزيد بن مهلهل:
إن السفاهة (طه) من خليقتكم لا قدس الله أرواح الملاعين
(*) تفسير النكت والعيون للماوردي (سورة طه)
لقد أباحت أشعار الجاهلية عن أن فكرتهم عن الله وصفاته ولم تختلف عن الله في القرآن فهو الخالق والواحد الصمد لم يلد ولم يولد وهو خالق السموات السبع بلا أعمدة وخالق الأرض وهو الخالد والكل يفنى وهو رب البرية وهو القاهر وهو الأزلي وهو علام الغيوب الذي لا شريك له وهو العالي والمتعالي والمغني والماجد والجبار والقابض الباسط والديان والمجيب ذو الطول وليس كمثله شئ وأنه نور وهو لا يقدس أرواح الملاعين وله الدين واصبا وهو الذي يحي العظام وهي رميم والكل سيفني إلا وجهه وهو رجاء الجن والأنس وهو الرحمن الذي أفنى الفجار وهو صاحب العرش الذي تحمله الملائكة نعم والله أكبر قالها الطائي وغيره ... كل تلك الأفكار التي جاء بها القرآن كانت تعرفها عرب الجاهلية والكثيرين يؤمنون بها من خلال الأشعار التي كان يرددها الجميع وخاصة لو عرفنا أن دور الشاعر في القبيلة لم يكن فقط هو قول الشعر بل كان دوره قيادة القبيلة وكثير من القبائل دخلت الإسلام عن طريق شعرائها الذين أغدق عليهم محمد الأموال التي كان يصيبها من السلب والنهب التي كان ينهبها في حروبه التي جرت في ربوع الجزيرة وكان النبي يسميهم المؤلفة قلوبهم ومنهم الشاعرين لبيد وعلقمة ابن علاثة العامريان وغيرهم ....
أما القول بأن العرب في الجاهلية كانوا يصنعون إلههم من العجوة وإذا جاعوا أكلوه أو يكون مع الإنسان في الجاهلية 4 أحجار يفتض من الغائط بثلاثة ويعبد الرابع ما هو إلا كذب وخداع للبسطاء وتعتيم من وسائل الإعلام الإسلامية واستمرار للكذب من بداية محمد وإلى اليوم بتطبيق مبدأ التقية أو الإهام أو الخداع ...لا يصمد كل ذلك أمام الداس والباحث وتفضحه القراءة المتأنية لكتب التراث.
والأسوأ من هذا وذاك ما قاله واحد من أكبر الطبالين والدجالين وهو عباس محمود العقاد في كتاب" الله" باب " مصر" :
قال العقاد: " كان عرب الجاهلية مثلا يعرفون أسم الله كما نعرفه اليوم ولكن الله الذي وصفوه والله الذي وصفه الإسلام لا يتشابهان بغير الحروف وبينهما من الفارق بين أبعد الأرباب "
أي ليس هناك أدنى تشابه بين إله الجاهلية وإله الإسلام والفارق بينهما هو الفارق بين الله الحي الحقيقي وبين الصنم الذي لا ينفع ولا يضر. ترى بعد كل ما استعرضناه من أقوال القرآن عن عرب الجاهلية وما سطروه في أشعارهم وفاضت به قريحتهم ؛ ترى هل تحدث العقاد بالصدق والأمانة والحق أم بالكذب والضلالة والزور؟ هل تحدث العقاد عن جاهلية غير التي سطروها لنا في كتب السيرة والتاريخ؟ هل يتحدث العقاد عن جاهلية عقله المريض؟ نعم العقاد كان واحدا من اكبر المزورين والدجالين ومن يقرأ كتب العبقريات ويقرأ التاريخ يكتشف حجم الكذب والتضليل والخداع الذي يتمتع به الرجل مستعينا بما يملك من القدرة على فلسفة الأمور وليّ أعناق الحقائق ومن هنا طبل له المطبلون لكن الحقيقة أقوى وأبقى من أن يلوي أعناقها البشر الدجالين أو يطفئ نورها الواهمين. أما ما يثير الحزن والشفقة فهي على الأجيال التي تربت على الزيف والخداع والكذب حيث كتب العقاد العبقريات تقررها وزارة التربية والتعليم المصرية لتربي عليها الشباب في مصر!!!
وحتى لا يتهمني أحد بأنني أتهجم على رمز من الرموز البارزة في الثقافة العربية والإسلامية سأورد رد رجل مسلم ورجل علم وتاريخ رجل قال الصدق لا الكذب قال الحقيقة الخداع ...
* قال الدكتور جواد علي " فعبادة أهل مكة هي عبادة محمد وتوحيدهم توحيد إسلامي أو توحيد قريب من التوحيد الإسلامي"
(*) تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور جواد علي عضو المجلس العلمي العراقي جـ5 صـ 424 ؛ 428.
لقد عرفت الجاهلية الملائكة ورسموها داخل الكعبة وكانوا يعرفون بالتحديد منهم جبريل ومكايل وهذا يفسر لنا من أين عرفت خديجة جبريل وقامت باختبار الوحي بالإضافة إلى ملائكة العرش والتي سأستعرض فيها لقول أمية أبن أبي الصلت وهي نفسها التي قال بها الإسلام وصدق عليها وتطابق معها ...
* قال أمية بن أبي الصلت
أميناه روح القدس جبريل فيهم وميكال ذو الروح القوي المسدد
(*) المنتظم في التاريخ لأبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الجزء الثالث باب غزوة بني قينقاع.
* قال ورقة بن نوفل:
وإن يك حقا يا خديجة فاعلمي حـديثك اياهـا فأحمـد مرسل
وجبريل يأتيه وميكايل فاعلمي من الله وحي يشرح الصدر منزل
(*) خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للشيخ البغدادي باب الشاهد الرابع والثلاثون بعد المائتين.
مَن كَانَ عَدُوًّا الله وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ الله عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ 98 (البقرة) (التحريم: 4)
* قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ولما أنشد بين يدي النبي صلعم قول أمية بن أبي الصلت:
رجل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد
والشمس تطـلع كل آخر ليلة حمراء يصبـح لونها يتـورد
ليست بطالعة لهم في رسـلها إلا معــذبة وإلا تجلــد
قال النبي صلعم (صدق) وعن النبي صلعم قال:"أن حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله تعالى بأربعة آخرين فكانوا ثمانية". عن النبي صلعم . وفي الحديث "إن لكل ملك منهم أربعة أوجه وجه رجل ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر وكل وجه منها يسأل الله الرزق لذلك الجنس".
(*)الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي باب سورة الحاقة الآية رقم (15 : 17)
تلك فكرة الجاهلية عن الملائكة وجاءت بها أشعارهم فعرفوا جبريل ومكيل وملائكة العرش التي على شكل رجل وأسد وثور ونسر وصادق النبي على ما جاءت به أشعارهم.
أحتل الجن مساحة واسعة في الفكر البدوي الصحراوي الجاهلي وفاضت به أشعارهم وجاء القرآن مصدقا للكثير من أشعارهم وأفكارهم عن الجن وأحتل الجن نفس المساحة في الفكر الإسلامي كما في الفكر الجاهلي فورد في القرآن لفظ الجن والجان والجنة 32 مرة في 31 آية. أما كتب أهل الكتاب فخالفت ذلك فالجن هو الشيطان والأرواح الشريرة وليس لهم نبي أو كتب أو عبادات أو رجاء وليس هي الحيات والثعابين كما قال القرآن والأحاديث ....
قال جذع بن سنان :
أتوا ناري فقلت منون أنتم؟ فقالوا الجن قلت عموا صباحا
نزلت بشعب وادي الجن لما رأيت الليـل قد نشر الجناحا
أتيتهـم ولــلأقدار حتـم تلاقى المرء صبحا أو رواحا
نحرت لهم وقلت ألا هلموا كـلوا مما طهيت لكم سماحا
وحذرني أمورا سوف تأتي أهز لها الصـوارم والرماحا
ألـم تعلـم بأن الذل موت يتيـح لمن ألـمّ به اجتياحا
ولا يبقـى نعيـم الدهر إلا لقـرم ماجد صـدق الكفاحا
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا 1 (الجن)
(*) بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب للألوسي باب أشعارهم وأحاديثهم في رؤية الجن.
وهنا يصف لنا جذع بن سنان لقائه بالجن والمائدة التي صنعها لهم والجن يحذرونه من الذل ويحرضونه على الكفاح والجهاد ولا يخفى على أحد تشابهها مع الجن الذين التقى بهم محمد!!!
* قال النابغة الذبياني :
كما لقيت ذات الصفا من حليفها وما انفكت الأمثال في الناس سائرة
فقالت له أدعـوك للعقل وافرا ولا تغشيني منـك للظـلم بـادره
فواثقـها بالله حتـى تراضـيا فكانت تديه الجـزع خفيا وظاهره
فلمـا توفـى العـتقل إلا أقله وجارت به نفس عن الخير جائره
تفكـر أني يجمـع الله شـمله فيصـبح ذا مال ويقـتل واتـره
فظـل على فـأس يحد غرابها ليقتلـها والنفـس للقـتل حـاذره
فلمـا وقاهـا الله ضربة فأسه وللـه عـين لا تغمـض ساهره
فقـال تعالى نجعــل الله بيننا على العقل حتى تنجـزي لي آخره
فقـالت يمـين الله أفعـل إنني رأيتـك ختـارا يمينـك فـاجره
أبى لك قـبر لا يزال مواجها وضربة فأس فـوق رأسي فاقرة
تذكـر أنى يجعـل الله جنـة فيصبح ذا مـال ويقتـل واتـره
ذات الصفا (الحية لأنها تسكن في الصفا وهي الحجارة الملس الصلاب) فذهب النابغة في الحيات مذهب أمية بن أبي الصلت وعدي أبن زيد وغيرهما من الشعراء.
(*) كتاب الحيوان للجاحظ باب نطق الحيات. خزانة الأدب للبغدادي باب الشاهد الحادي والأربعون بعد الستمائة.
كانت العرب تؤمن بخرافات منها أن الحيات هي من الجن وهي تتكلم ويصور لنا النابغة هذا الحوار بين الحية وهي الجن وبين من يريد قتلها كما جاءت الأحاديث بتلك الخرافات عينها وأكدها محمد في القرآن ليكرس لنا في القرآن أفكار عرب الجاهلية.
وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ 10(النمل)
وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ 31(القصص)
وللمزيد جاء في بلوغ الأرب أن مالك بن حريم الدالاني خرج في نفر من قومه في الجاهلية وزحف إليه شجاع (ثعبان) وخرج رجل من أصدقائه ليقتله ومنع ملك صديقه من قتل الثعبان ... وعطشوا فسمعوا هاتف يدلهم على الماء وفي النهاية قال الثعبان لهم تلك الموعظة :
يا مـال عني جزاك الله صالحة هـذا وداع لكـم مني وتسليـم
لا تزهدن في اصطناع الخير مع أحد إن الذي يحـرم المعروف محـروم
من يفعـل الخير لا يعدم مغبته ما عاش والكفر بعد الغب مذموم
أنا الشجاع الذي أنجيت من رهق شكرت ذلك إن الشكـر مقسوم
(*) بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب للألوسي باب اعتقادهم في القنفد وغيره أنه مركب الجن.
وهنا نرى الشجاع أي الثعبان وهو من الجن يعطي مالك وأصحابه موعظة وهي تماما تشبه ما حدث مع محمد في نفر الجن الذين صرفهم إله محمد له.
وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا 11 وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا 14(الجن)
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ 29 قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ 30 يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ الله وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ 31(الأحقاف)
* قال زيد بن عمرو نفيل:
حنانيك إن الجن كنت رجاءهم وأنت إلهي ربنـا ورجائيـا
رضيت بك اللهم ربَّا فلن أرى أديـن إلها غـيرك الله ثانيا
أدين لـرب يُستجاب و لا أرى أدين لمن لم يسمع الدهر داعيا
(*) السيرة النبوية لأبن هشام باب شعر زيد في فراق الوثنية.
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا 1 يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا 2(الجن)
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ 56(الذاريات)
* قال سواد بن قارب:
عجبت للجــن وإبـلاسها وشدها العيس بأحـلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنو الجن كأنجاسها
قال ابن إسحاق : فهذا ما بلغنا من الكهان من العرب (*) السيرة النبوية لأبن هشام باب سواد بن قارب يحدث عمر بن الخطاب عن صاحبه من الجن.
إنا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا 14 الجن
قال الأستاذ أمية والأستاذ ورقة وسواد بن قارب الذي كان له رائي من الجن يرافقه ويعطيه الأشعار أن الجن لهم رجاء عند الله ومنهم المؤمن ومنهم الكافر وقال محمد في قرآنه أن الجن بعضهم مسلم مؤمن وبعضهم كافر ....
* قال زيد بن عمرو:
عزلت الجن والجنان عني كذلك يفعل الجلد الصبور
* تفسير النكت والعيون للماوردي(السجدة)
ويبدو هذا موقف زيد ابن عمرو قبل وفاته انه ترك الجن والشياطين لكن محمد لم يتركها وأصر على أن الجن مؤمن وله رسل ولهم رجاء وأمنوا بمحمد.
* قـال أمية بن الصلت:
وترى شياطينا تروغ مضافة ورواغها شتى إذا ما تطرد
تلقى عليها في السماء مذلة وكواكب ترمى بها فتعرد(تهرب)
(*) كتاب الحيوان للجاحظ ج 6 ص 275. محاضرات الأدباء .
وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا 8 وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا 9 (الجن)
قال الأستاذ أمية أن الشياطين تهرب عندما ترمي بالكواكب وقال القرآن في سورة الجن أن الشهب تترصد بالشياطين في السماء لتصيبها.
ذُكر آدم في القرآن خمسة وعشرين مرة في خمسة وعشرين آية لكن هذا لم يكن جديدا على عرب الجاهلية بل قالوا بمثله في أشعارهم وتطابق القرآن معهم واختلف مع كتب أهل الكتاب فجاء القرآن مصدقا لأشعار الجاهلية وليس مصدقا لكتب الله
* قال أمية بن أبي الصلت
خلق البرية من سلالة منتن وإلى السلالة كلها ستعود
(*) تفسير النكت والعيون للماوردي (المؤمنون)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ 26(الحجر26 ؛ 28 ؛ 33)
لماذا خلق الإنسان من طين منتن لم ترد إلا في القرآن والشعر؟ نعم إنها نظرية الفخار الذي كان يصنع الأواني فيترك الطين إلى أن ينتن !!!
* قال أمية بن أبي الصلت
من الحـقد نيران العداوة بيننا لئن قال ربي للملائكة اسجدوا
لآدم لما أكمل الله خلقه فخروا له طوعًا سجودًا وكددوا(بالغوا في السجود)
فقال عدو الله للكــبر والشقا لطين على نار السموم يسود(يسود)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا 61(الإسراء)
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ 11 قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ 12قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ 13 ( الأعراف)
فأخرجه العصيان من خير منزل فذاك الذي في سالف الدهر يحقد
علينا ولا يـألو خـبالا وحيلة ليوردنـا مـنها الـذي يتـورد
(*) المنتظم في التاريخ الجزء الثالث غزوة بني قينقاع
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا 50 (الكهف) (البقرة: 34)
التطابق بين القرآن وشعر الأستاذ أمية أبن أبي الصلت من حيث القصة والألفاظ لا يخفى حتي على عميان البصر والبصيرة. كما أن مخالفتها للعقل والمنطق من حيث كيف يأمر الله الملائكة بالسجود لغير الله مما أوقع مفسرين القرآن في مأزق صعب المخارج وكل هذا مخالف للتوراة والإنجيل مما يدل على وحدة المصدر بين القرآن والشعر الجاهلي وتصديق محمد للشعراء وتأثره بأشعارهم والسير على دربهم ...
* قال عدي بن زيد شاعر جاهلي نصراني :
قضـى لستـة أيـام خليقتـه وكان آخـرها أن صور الرجلا
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا 59(الفرقان)(الأعراف: 54) (يونس: 3) (هود: 7) (السجدة: 4) (ق: 38) (الحديد: 4)
دعـاه آدم صوتا فاستجاب له بنفخة الروح في الجسد الذي جبلا
ثـم أورثه الفردوس يعمرها وزوجه صنعة من ضلعه جعلا
لم ينهه ربه عن غـير واحدة من شجـر طيب أن شم أو أكلا
وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ 19(الأعراف) (البقرة: 35) (الأعراف: 20) (الأعراف: 22) (طه: 120)
فكانت الحية الرقشاء إذ خلقت كما ترى ناقة في الخلق أو جملا
فعمـدا للتي عن أكلـها نهيا بأمر حـواء لـم تأخذ له الدغلا
كلاهـما خاط إذ بزا لبوسهما من ورق التين ثوبا لم يكن غزلا
فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ .... 22(الأعراف)
فلاطـها الله إذ أغوت خليقته طول الليـالي ولم يجعل لها أجلا
تمشي على بطنها في الدهر ما عمرت والتراب تأكله حزنا وإن سـهلا
فأتبعـا أبـوانا فـي حياتهما وأوجد الجوع والأوصاب والعللا
وأوتينا الملك والإنجيل نقرؤه نشفى بحكـمه أحـلامنا عـللا
من غير ما حاجة إلا ليجعلنا فوق الـبرية أربابا كـما فعـلا
(*) كتاب الحيوان للجاحظ باب قول في شعر لأمية بن أبي الصلت.
ها هي قصة الخلق في ستة أيام كانت تعرفها العرب قبل محمد وجاءت مطابقة لكتب أهل الكتاب. نعم كان عدي بن زيد نصرانيا وكان جليسا للنعمان ولكنه كان من شعراء الجاهلية وأشعاره تتغنى بها العرب قبل النبي محمد وكان شعره يجري على كل لسان كما كانت العرب تتغنى بالأشعار فهي الحكمة والعلم وأهل الكتاب هم أهل العلم والعرب هم الأميين الجهلة.
ترى هل صدق القرآن أم كذب عندما قال " قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ 48 تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (هود: 49) "
ترى هل صدق عرب الجاهلية أم كذبوا عندما قالوا لمحمد خرافات الأولين.
"إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (القلم: 15)(المطففين: 13)"
الآيـات الكونيـة والإعجاز العلمي
تطل علينا صباح مساء في وسائل الإعلام العربية والإسلامية وجوه أعاذنا الله منها تتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن والآيات الكونية وكيف سبق القرآن العلم بمعرفة كروية الأرض والجبال الرواسي وخلق الإنسان من نطفة أي الحيوان المنوي و.... وتتاح لهؤلاء الكذابين مساحات واسعة من صفحات الصحف لكتابة مغالطاتهم وكذبهم ولا نرى أو نسمع أو نقرأ عن أحد من المثقفين أو المستنيرين يقول لهم لمصلحة من هذا التضليل أو التجهيل؟
* قال أمية بن أبي الصلت:
وبث الخلق فيها إذ دحاها فهم سكانها حتى التناد(القيامة)
(*) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي تفسير سورة غافر الآية29-33 وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا 30 (النازعات)
* قول زيد بن عمرو:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما استـوت شــدها بأيـد وأرسى عليها الجبالا
وأسـلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا
إذا هـي سيقت إلـى بلـدة أطاعت فصبت عليها سجالا
* وأنشد المبرد:
دحاها فلما رآها استوت على الماء أرسى عليها الجبالا
(*) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي تفسير سورة النازعات الآية 27-33.السيرة النبوية لأبن هشام باب شعر زيد حين كان يستقبل الكعبة.
أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا 31 وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا 32 (النازعات)
وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 15 (النحل)
* قال أمية بن أبي الصلت:
دار دحاها ثم أعمر بابها وأقام بالأخرى التي هي أمجد
(*) مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي (النازعات: 27-46)
أفاضوا وأعادوا وكرروا وأسهبوا بأن كلمة دحاها تعني أن الأرض مثل البيضة وقد أثبتها العلم الحديث وهذا يدل على الأعجاز العلمي في القرآن وحشدوا كوكبة من الشيوخ تسبق كلا منهم ألقاب أقلها دكتور أو عالم أو أستاذ أو علامة والبعض حاذ على كل تلك الألقاب أو يزيد وتكتشف في النهاية بأنهم جميعا كذابين لصوص وشهود زور فكلمة دحاها قالها عرب الجاهلية قبل محمد فلو كان فيها أعجاز فكان من قبيل الأمانة والشرف أن ينسب هذا الإعجاز للشعراء الذين سبقوا محمد وليس لمحمد وقرآنه.
* قال زيد بن عمرو بن نفيل يسخر من فرعون:
وقولا له : أأنت سويت هذه * بلا وتد حتى اطمأنت كما هيا
أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا 6 وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا 7 (النباء)
(*)السيرة النبوية لأبن هشام باب شعر زيد في فراق الوثنية. البدء والتأريخ للمطهر بن طاهر المقدسي الجزء الأول باب القول في الأضداد. البداية والنهاية لأبن كثير باب ذكر ما يتعلق بخلق السموات وما فيهن من الآيات.
روى أبو نعيم ... عن أبي سلمة قال: كان كعب بن لؤي يجمع قومه يوم الجمعة، وكانت قريش تسميه العروبة، فيخطبهم فيقول: أما بعد فاسمعوا، وتعلموا، وافهموا، واعلموا، ليل ساج، ونهار ضاح، والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام، والأولون كالآخرين. (*) البداية والنهاية لأبن كثير الجزء الثاني باب كعب بن لؤي.
أخيرا ما قولكم عن كعب بن لؤي الذي قال بأن الجبال أوتاد قبل محمد بقرون. لكنه الهوى والغرض وإن شئت الدقة فقل المرض الذي أنتاب العديدين بعد الإفلاس والإحباط الذي أصاب المسلمين من البون الشاسع بين المبادئ الحضارية وحقوق الإنسان وتقدم الأمم الأخرى وبقاء المسلمين قابعين في مكانهم منذ أربعة عشر قرنا معزولين متخاصمين متخلفين مقيدين بشرائع البدو فراحوا يتلمسون أي كلمة ينسجون منها قصص الإعجاز العلمي ومنها الجبال أوتادا وأن الجبال ثلثها في الأرض مثل الوتد حسب القوانين الفلكية والنظريات الكونية ونظريات دارون وأينشتين وحسب أقوال العلماء في وكالة الفضاء ناسا والعلماء الأمريكان والكنديين والغربيين الكفار الذين آمنوا وأسلموا بعد أن عرفوا تلك الحقائق العلمية في القرآن. هل هناك شئ يبعث على الحزن والغثيان أكثر من ذلك !!! لكن ماذا عن أوتاد كعب بن لؤي قبل محمد بقرون؟ وماذا عن أوتاد فرعون يا من تدعون أن لفظ الأوتاد في القرآن ينطوي على إعجاز علمي؟.
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ 12 (ص) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ 10 (الفجر)
كل تلك الأوتاد والرواسي جاء بها شعراء الجاهلية قبل النبي فماذا تقولون ؟
* قال ابن إسحاق : وقال زيد بن عمرو بن نفيل :
وأسلمت وجهي لمن أسلمت * له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما رآها استوت * على الماء أرسى عليها الجبالا
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ 10
وأسلمت وجهي لمن أسلمت * له المزن تحمل عذبا زلالا
إذا هي سيقت إلى بــلدة * أطاعت فصبت عليها سجالا
(*) السيرة النبوية لأبن هشام المجلد الثاني باب قول زيد حين يستقبل الكعبة وكذلك في البداية والنهاية لأبن كثير الجزء الثاني باب زيد بن عمرو بن نفيل رضى الله عنه.
* قال العجاج يصف الأرض:
أوحى لها القرار فاستقرت وشدها بالراسيات الثبت
(*) تفسير البحر المحيط لأبي حيان(سورة الزلزلة)
ماذا عن الجبال الرواسي التي لولاها لما استقرت الأرض ومن قرأ كتب التفاسير سيصاب بصدمة وخاصة تفسير أبن كثير في سورة "القلم"
عندما قرأت هذه الأشعار انتابني شعور بالأسى والغثيان والحزن الشديد فأما الأسى فعلى هؤلاء المخدوعين بأحاديث الإعجاز العلمي وبأن القرآن قال بكروية الأرض فها هم شعراء الجاهلية قد سبقوا محمدا بالقول بكلمة دحاها وأوتاد ورواسي في أشعارهم فمن أخذ من من؟ أما حالة الغثيان التي انتابتني فعلى هؤلاء الدجالين الذين يضحكون على الأبرياء ولا هم لهم إلا حب الظهور وكم تثقل جيوبهم ؛ أما حزني فعلى الساكتين الجبناء الذين يعرفون الحقيقة لكنهم جبنوا وتركوا الساحة للجهلة أو المخادعين والمُضللين والدجالين والأجراء.
* قال علقمة بن قرط:
حتى إذا الصبح لها تنفسا وإنجاب عنها ليلها وعسعسا
وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ 17 وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ 18(التكوير)
(*) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي باب سورة التكوير الآية رقم (15 : 22) ونسبه الزمخشري في الكشاف إلى العجاج.
وهنا نرى نفس بيت الشعر ولكن محمد قلبه فجعل عسعسة الليل قبل تنفس الصبح!!!
* قال أمية بن أبي الصلت:
خلق الليل والنهار فكل مستبين حسابه مقدور
ثم يجلو النهار رب رحيم بمهاة شعاعها منشور
(*)السيرة النبوية باب شعر أبي الصلت الثقفي في وقعة الفيل
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ 33(الأنبياء)
قال علقمة بن قرط الصبح تنفس والليل عسعس وقال القرآن كما قال علقمة وقال الأستاذ أمية أبن أبي الصلت أن النهار والليل مخلوقان فقال محمدا في قرآنه مثلما قال أستاذه ...
* قال النابغة:
الخـالق البـارئ المصـور في الأرحام ماء حتى يصير دما
(*) الجامع لأحكام القرآن سورة الحشر الآية رقم( 24 ). تفسير النكت والعيون للماوردي (الحشر)
* قال السموءل بن العاديا الغساني اليهودي:
نطفة ما منيت يوم منيت أمرت أمرها وفيها بريت(خلقت)
كنها الله في مكـان خفي وخفـى مكانهـا لو خفيت
ميت دهرا قد كنت ثم حييت فاعلمي أنني كبيرا رزيت(ابتلي)
(*)المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية للإمام العيني محمود باب شواهد نون التوكيد.
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ 13(المؤمنون)
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالاُنثَى 45 مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى 46(النجم)
هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا 1إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا 2(الإنسان)
قالوا وصالوا وجالوا وترجموا أن كلمة نطفة هي الحيوان المنوي وقالوا ها هو القرآن قال بالحيوان المنوي قبل أن يكتشفه العلم بقرون طويلة فلو كان من عن غير الله فكيف لمحمد النبي الأمي أن يعرف الحيوان المنوي؟ لكن ما لم يقولوه كيف عرف السموءل الشاعر الجاهلي قبل محمد كلمة نطفة أو الحيوان المنوي حسب ترجمتكم؟ من الأسبق ومن أخذ من من؟ أما المدقق يجد أن آيات القرآن ما هي إلا نقل وانتحال وسرقة لأبيات السموءل فكلمة "نطفة ما منيت" هي "نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى" وكلمة "مكـان خفي" هي "قَرَارٍ مَّكِينٍ" وكلمة "بريت" هي "خَلَقَ" وكلمة "رزيت" هي "نَّبْتَلِيهِ"
* قالت زبراء الكاهنة تنذر قوم:
والليل الغاسق ؛ واللوح الخافق ؛ والصباح الشارق ؛ والنجم الطارق {وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ 1 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ 2 النَّجْمُ الثَّاقِبُ 3(الطارق)} والمزن(السحاب) الوادق {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ ... 43(النور)} ؛ أن شجر الوادي ليادو ختلا ؛ ويحرق أنيابا عصلا ؛ وان صخر الطود لينذر ثكلا ؛ لاتجدون عنه معلا ؛ فوافقت قوما أشارى سكارى فقالوا ريح خجوج ؛ بعيدة ما بين الفروج ؛ أتت زبراء بالأبلق النتوج ؛ مهلا يا بني الأعزة ! والله إني لأشم ذفر الرجال تحت الحديد.
(*) بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب للألوسي باب زبراء الكاهنة. * قال زهير بن أبي سلمى :
لقد عرفتْ ربيعة في جـذام وكعب خالـها وابنا ضرار
لقـد نازعتهـم حسبا قديما وقد سجرت بحارهم بحاري
وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ 6(التكوير)
(*) الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي سورة التكوير الآية 1 – 29. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد علي بن أبي بكر الهيثمي المجلد السابع كتاب التفسير.
حزينة حزينة حزينة على هؤلاء المخدوعين عندما سمعت أحد الأشخاص الذي يدعي أنه أستاذ جامعي ومعه شريط صوتي يقول هو مسجل بواسطة وكالة ناسا للفضاء تعلن عن اكتشاف نجم يصدر عنه صوت مثل طرق الباب وهذا ما يؤكد صدق القرآن وإعجازه العلمي وكم من الأمريكان أسلموا عندما عرفوا تلك الحقائق العلمية التي جاء بها القرآن. وها هو النجم الطارق قالت به كاهنة الجاهلية التي تمتهن الكهانة ويرافقها الشياطين والجن. فترى من أخذ من من ومن سرق من من ومن تأثر بمن؟؟؟؟؟؟ وللودق قصة محزنة مشابهة .... وللبحار التي سجرت قصة أخرى وقس على ذلك كثير من القصص ومنها الزيتون والرمان.
* قال أبي طالب يرثي مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس :
ليت شعري مسافر بن أبي عمرو وليت يقولها المحزون
بـورك الميت الغريب كما بـورك نبع الرمان والزيتون
الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ..35(النور)
فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ 68 فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 69(الرحمن)
(*) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي باب سورة النور الآية رقم ( 35 )
وهنا نرى فكر أبي طالب أن الزيتونة شجرة مباركة وكذلك قال القرآن أما بركة الرمان فجاءت به الأحاديث. أما الكارثة فهي في هؤلاء الذين يمطروننا ليل نهار بفوائد الرمان الذي قال القرآن انه من آلاء الله أي معجزاته وهذا يدل على الإعجاز العلمي في القرآن وكذلك الزيتون وفوائده وأن الله سماها الشجرة المباركة ففوائد الزيتون تدل على الإعجاز العلمي في القرآن ونسوا أو تناسوا أن الرجل الذي تربى محمد في بيته قال بأن البركة في الزيتون والرمان !!
مطلع الشمس وغروب في عين من طين :
* روي عن عمرو بن رجاء عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلعم قال: لا تسبوا تبعاً كان قد أسلم. وحكى أبن قتيبة في المعارف شعراً ذكر أنه لتبع وهو:
منح البقاءَ تقلبُ الشمسِ وطلوعها من حيث لا تُمْسِي
وشروقها بيضاء صافية وغروبُها حمراءَ كالورْسِ
وتشتت الأهواءِ أزعجني سيراً لأبلـغ مطلع الشمسِ
ولرب مطعمةٍ يعـود لها رأي الحليم إلـى شفا لبسِ
(*) تفسير النكت والعيون للماوردي (الدخان)
قال أمية بن أبي الصلت عن ذي القرنين:
بلغ المشارق والمغارب يبتغي أسباب أمر من حكـيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند مآبها في عين ذي خلب وثأط حرقد
*الخلب الطين والثأط طين الحمأة.
(*)الجامع لأحكام القرآن للقرطبي سورة الكهف الآية رقم(83-91 ).
وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا 83 إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا 84 فَأَتْبَعَ سَبَبًا 85 حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا 86 (الكهف)
قال تبع المسلم قبل ولادة محمد بكثير !!! أن الشمع تطلع من مكان غير الذي تغرب منه. وسار ليصل إلى مكان طلوعها وكذلك قول الأستاذ أمية بن أبي الصلت أن الشمس تغرب في عين من طين وحفظ التلميذ محمد الدرس وقال في القرآن أن ذي القرنين سار إلى مغرب الشمس وإلى مشرقها كما أن الشمس تغرب في عين من طين وأحتار من جاء بعده في لملمة هذه الفضيحة بكلام لا يقل عن الفضيحة نفسها!!!
لقد أسلم علماء وكالة الفضاء كلهم أو في الطريق من بعد ما عرفوا أن القرآن قال بانشقاق القمر قبل أن يكتشفوه بقرون وهذا يدل على أن محمدا الأمي رسول من عند الله والله أكبر. ماذا أقول ... فلندع القول لكتب التاريخ ولأمرؤ القيس ..
* قال امرئ القيس:
دنت الساعةُ وانشقَّ القمـر عن غزالٍ صاد قلبي ونفر.
أحور قد حرتُ في أوصافه ناعس الطرف بعينيه حَوَر.
مرَّ يوم العيد في زينتــه فـرماني فتعاطى فعقــر .
بسهامٍ من لحـاظٍ فاتــكِ فتَرَكـْني كهشيمِ المُحتظِر.
وإذا ما غـاب عني ساعةً كانت الساعـةُ أدهى وأمرّ.
كُتب الحسنُ على وجنته بسَحيق المِسْك سطـراً مُختصَر.
عادةُ الأقمارِ تسري في الدجى فرأيتُ الليلَ يسري بالقمر.
بالضحى والليلِ من طُرَّته فَرْقه ذا النور كم شيء زَهَـر.
قلتُ إذ شقَّ العِذارُ خدَّه دنت الساعةُ وانشقَّ القمـر
(*) مصادر الإسلام للدكتور سنكلير تسدل.
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ 1 (القمر)
هذا بعض من قصيدة لأمرؤ القيس فيها انشقاق القمر وهي نفس الآية التي جاء بها محمد بل وهناك من الأبيات تحمل نفس التراكيب التي في آيات القرآن. نعم يعترض البعض بأن هناك الكثير من الشعراء في الإسلام أطلق عليهم أمرؤ القيس فربما جاء به شاعر بعد الإسلام. نقول لو أن شاعرا قال هذا في الإسلام لقامت عليه الدنيا ولم تقعد ولو في الإسلام من قال ذلك لظهر له ديوان فيه من البلاغة ما فيه مما يضع آيات التحدي بأن يأتوا بآية من مثله في موضع حرج. ثم أن هذا ليس شيئا شاذا فقد زخرت المراجع الإسلامية من كتب السيرة المحمدية وتفاسير القرآن بأشعار فيها نفس أفكار القرآن بل ونفس تراكيب الآيات بل هي عينها أو تختلف عنها في كلمة أو كلمتين، ولكنها لا تختلف معها في المعنى مطلقاً. كما رأينا من أشعار أمية بن أبي الصلت وزيد بن عمرو بن نفيل وكما سنرى!!! لكن فضيلة الشيخ يرغي ويزبد ويقول هذا استشهاد بكلام رجل مستشرق ليس حجة على المسلمين ؛ لكن ماذا تقول يا فضيلته فيم جاء في فيض القدير شرح الجامع الصغير
قد تكلم امرؤ القيس بالقرآن قبل أن ينزل. فقال:
اقتربت الساعة وانشق القمر * من غزال صاد قلبي ونفر
(أبو عروية في كتاب (الأوائل) له (وابن عساكر) في تاريخه
(*) فيض القدير شرح الجامع الصغير الإمام عبد الرؤوف المناوي حرف الهمزة -- 1624
* قال أمية أبن أبي الصلت :
تسبحه الطـير الحوائج في الخفا وإذ هي في جـو السماء تصعد
ومن خوف ربي سبح الرعد فوقنا وسبحه الأشجار والـوحش ابد
وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ... 13(الرعد)
وسبحه النيان(الحيتان) والبحر زاخر وما ضم من شيء وما هو متلد
(*) المنتظم في التاريخأبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الجزء الثالث باب غزوة بني قينقاع
قال الأستاذ أمية أن الرعد ملك من الملائكة يسبح فقال محمد أن الملائكة والرعد يسبحون كما أن النينان هي جمع لحرف النون وهو الحوت وورد ذلك في سورة القلم عندما أقسم الله بالنون "ن"
وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ1" (القلم) ؛ وَذَا النُّونِ إِذ...َهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ 87(الأنبياء)
* قال الحكم بن عمرو البهراني:
إن ربـي لمـا يشاء قـدير وما لشـيء أراده من مفر
مسخ الماكسـين ضبعا وذئبا فلهـذا تناجـلا أم عـمر
بعث النـمل والجـراد وقفى بنجيع الرعاف في حي بكر
خرقت الفـارة بأنف ضئيـل عرما محكم الأساس صخر
فجرته وكـان جيـلان عنـه عاجزا لو يرومه بعد دهـر
مسخ الضب في الجـدالة قدما وسهيل السماء عمدا بصغر
وتزوجت في الشبيبـة غـولا بغزال وصـدقتي زق خمر
ثيـب إن هـويت ذلك منهـا ومتى شئت لم أجد غير بكر
سادة الجن ليس فيها من الجن سـوى تاجـر وآخـر مكر
ونفـوا عن حريمها كـل عفر يسرق السمـع كل ليلة بدر
كنت لا أركب الأرانب للحيض ولا الضبع أنهـا ذات نكـر
جائبـا للبحـار أهدى لعرسي فلفـلا مجتنى وهضمة عطـر
وأحلى هرير من صدف البحر وأسقي العيـال من نيل مصر
فلعـل الإله يرحـم ضعفـي ويـرى كبرتي ويقبل عذري
(*) كتاب الحيوان للجاحظ باب شعر الحكم بن عمرو في غرائب الخلق.
هذا جزء من قصيدة البهراني التي يفصح فيها عن خرافات العرب التي كانوا يؤمنون بها ومنها مسخ البشر الماكسين أي العشارين إلى ضبعا وذئبا وأن الفارة التي لها أنف ضئيل خرقت سد العرم وأن الغول مخلوق موجود وتزوج منه البهراني وجاء القرآن وأحاديث النبي بنفس ما قاله الشعراء.
* قال تأبط شرا:
بأني قد لقيت الغول تهوي بسهب كالصحيفة صحصحان
فأضربها بلا دهش فخرت
صـريعا لليـدين
وللجـران
(*) الجامع لأحكام القرآن سورة فاطر الآية رقم ( 9 )
* قال امرؤ القيس: